بالوقوف بعرفة لا بالخروج من مكة.

وأما طواف الإفاضة أو الزيارة فهو ركن باتفاق الفقهاء لا يتم الحج إلا به، فمن ترك طواف الزيارة ورجع إلى بلده، فإنه لا يحل إلا بالعودة وأداء الطواف، فإن نوى التحلل ورفض إحرامه، لم يحل بذلك، لأن الإحرام لا يخرج منه بنيَّة الخروج بل بالطواف الفعلي، وعلى هذا فإذا فات طواف الإفاضة عن أيام النحر لا يسقط، بل يجب أن يأتي به، لأن سائر الأوقات وقته.

وأما طواف الوداع فهو مندوب عند المالكية، واجب عند الجمهور، يجبر تركه بدم كسائر الواجبات، فلو خرج الحاج من مكة بلا وداع عامداً أو ناسياً أو جاهلاً بوجوبه؛ عليه أن يرجع إن كان قريباً من مكة، والقريب: هو الذي بينه وبين مكة دون مسافة القصر، وإن كان بعيداً بعث بدم، والبعيد: من بلغ مسافة القصر، ويكون طواف الوداع عند خروج الحاج ليكون آخر عهده بالبيت، فإن طاف للوداع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة فعليه إعادته، لأنه إذا أقام بعده خرج عن أني كون وداعاً في العادة، فلم يجْزِه، والأدب أن يخرج المودع بعد طواف الوداع ويولي ظهره إلى الكعبة، ولا يمشي قهقري كما يفعله كثير من الناس، قالوا: بل المشي قهقري مكروه، فإنه ليس فيه سنة مروَّية ولا أثر محكي، وما لا أصل له لا يعرج عليه، قال مجاهد: إذا كدت تخرج من باب المسجد فالتفت، ثم انظر إلى الكعبة، ثم قل: اللهم لا تجعله آخر العهد.

وإذا حاضت المرأة قبل أن تودع خرجت ولا وداع عليها ولا فدية بالاتفاق، وإذا حاضت أو نفست عند الإحرام اغتسلت للإحرام وأحرمت وصنعت كما يصنعه الحاج، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، وعلى هذا فلا تُلزم بطواف القدوم ولا بقضائه، وإذا كانت متمتعة ثم حاضت قبل الطواف للعمرة لم يكن لها أن تطوف بالبيت لأن الطواف بالبيت صلاة، وهي ممنوعة من دخول المسجد فإن خشيت فوات الحج أحرمت بالحج مع عمرتها، وإذا حاضت بعد الوقوف بعرفة وطواف الزيارة انصرفت من مكة ولا شيء عليها لطواف الصدر، فليس على المرأة الحائض وداع ولا فدية إذا حاضت قبل أن تودع، وإذا اضطرت اضطراراً شديداً لمغادرة مكة قبل انتهاء مدة الحيض، أو النفاس ولم تكن قد طافت طواف الإفاضة، فتغتسل وتشد الحفاظ، شداً محكماً، ثم تطوف بالبيت سبعاً طواف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015