هناك حرم وإحرام، فالحرم له حقوق لا يصح تجاوزها، ومن تجاوزها، فقد ارتكب جناية بحسب نوع هتك حرمة الحرم، والإنسان إذا أحرم ترتبت عليه بسبب إحرامه واجبات، فإذا أخل بها فإن عليه أن يفعل شيئاً في مقابل الخلل على حسب ما رتبه الشارع. قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (?) وقال تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (?) فهذان نموذجان على ما يحظر على المحرم، والإحرام- بمعناه العام- كما أوضحه ابن الأثير:
مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً: إذا أهل بالحج أو العمرة، وباشر أسبابهما وشروطهما من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منعه الشرع منها، كالطيب والنكاح والصيد ونحو ذلك، والأصل فيه: المنع، وكأن المحرم منع من هذه الأشياء. وأحرم الرجل: إذا دخل في الشهور الحرم، وإذا دخل الحرم. ا. هـ.
والإحرام مظهر من مظاهر تعظيم الحرم. وهو نية وعمل وامتناع عن أشياء، أما النية: فهي ركن من أركان الحج والعمرة ويترتب على الخلل فيما يلزم المحرم أو فيما يجب الامتناع عنه عقوبات.
وإذا تم الإحرام، لا يخرج منه إلا بعمل النسك الذي أحرم به، فإن أفسده، وجب قضاؤه. وإن فاته الوقوف بعرفة، أتمه عمرة وعليه القضاء، وإن أحصر أي منع عن إكماله، ذبح هدياً وقضاه، ولا ينعقد الإحرام بدون النية. فإن اقتصر على النية ولم يلب أجزأه عند الشافعية والحنابلة، وإن لبى بلا نية، لم ينعقد إحرامه، ولا يشترط قرن النية بالتلبية خلافاً للحنفية والأفضل أن ينطق بما نواه فيقول: "اللهم إني أريد الحج أو العمرة، فيسره لي وتقبله مني". وإن أراد القران قال: "اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما مني".
والأفضل أن يعين المحرم ما أحرم به من حج أو عمرة أو هما معاً للتعيين أفضل من الإطلاق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالإحرام بنسك معين.