الدينية شرط الوجود للعبادة والعبودية، كما أنه شرط صحة القبول، وهو في أمور الدنيا شرط الإتقان والإحكام والتطوير الصالح.
* * *
وإذا كانت إقامة الدين والدنيا من باب فروض الكفايات، فإنَّ التبحر في هذه العلوم مندوب إليه، كما نص على ذلك ابن عابدين - من فقهاء الحنفية - في حاشيته، وتأمل كيف أنه لو أحكمنا هذه الفكرة، فكرة إيجاد المختصين المتبحرين في كل علم ديني أو دنيوي كيف يكون حال المسلمين؟ ثم كيف يكون حال هذا العالم؟
* * *
وكما أن هناك فروضاً عينية وكفائية علمية، فهناك فروض كفائية علمية عملية، فالعلم يسبق العمل، وقد كنا حاولنا أن نبرز هذا المعنى وأن ندلل عليه في رسالة تحت عنوان: (فلنتذكر في عصرنا ثلاثاً) وكان مما ذكرناه في هذه الرسالة ما يلي:
من أهم الأفكار الموجهة للمسلم في حياته وللأمة الإسلامية في سيرها فكرة فروض العين وفروض الكفاية، فمن خلال استقراء لنصوص الشريعة، ومعانيها ومبانيها وروحها، وصل العلماء إلى أن الفروض قسمان: فروض عينية ويطالب بها كل مسلم، وفروض كفائية يطالب بها المسلمون ..
وكلا النوعين من الفروض ينقسم إلى قسمين: إلى فروض عملية، وفروض علمية:
فالصلاة مثلاً، لها جانب نظري علمي هو من باب فروض العين، وكذلك الجانب التطبيقي منها وهو من فروض العين وإتقان علم الطب فريضة كفائية وأن يقوم الطبيب المختص بالخدمة فرض كفائي آخر.
إن فهم فكرة فروض العين وفروض الكفاية من أهم ما يطالب به الفرد وتطالب به الأمة، لأنه بمقدار ما يستوعب المسلم ما هو مفروض عليه فرض عين، وبمقدار ما يستوعب فروض الكفاية التي تطالب بها الأمة ويعمل لإقامتها، وبمقدار ما تستوعب الأمة فروض