هل يكفيه طواف واحد عن حجة وعمرة وسعي واحد أو لابد من طوافين وسعيين؟ والسعي بين الصفا والمروة تذكير لنا ببدء قصة البيت إذ جاء إبراهيم طاعة لله بهاجر وإسماعيل عليهم السلام، فأسكنهما حيث لا طعام ولا ماء ولا أنيس، فكانت عاقبة التسليم والتوكل أن أصبحت حركة هاجر المتلهفة من شعائر الله إلى يوم القيامة.
والإحرام ونية الحج أو العمرة أو نيتها مع ما يستتبع ذلك من مطلوبات من تجرد من المخيط للرجال وكشف للوجه للنساء والامتناع عن محظورات الإحرام من حلق أو قص أظافر أو تطيب أو تغطية للرأس من الرجل أو تغطية للوجه من المرأة والامتناع عن الصيد والرفث، ليرى الإنسان نعمة الله عز وجل عليه إذا أباح له اللباس والطيب والارتفاق والصيد والحياة الزوجية فيقوم بالشكر، وفي الأمن الذي يناله الإنسان داخل الحرم وفي إقبال الشعوب كلها على الحرم واجتماعهم والتقائهم على عبادة الله فيه ربط للشعوب كلها برابطة الإسلام، وصهر للشعوب كلها بهذا الإسلام، وفي ذلك حياة للناس جميعاً: تجديد لإسلامهم ورفع لمعنوياتهم ودمج لمقاصدهم وتحريك لعواطفهم وإلزام بعضهم ببعض {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} (?).
{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} (?).
- وحَجَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حُجة على الناس فلقد قال عليه الصلاة والسلام: "خذوا عني مناسككم".
وحجته عليه الصلاة والسلام معروفة محفوظة لم يُختلف فيها إلا على حيثيات بسيطة وقد مرت معنا في سيرته عليه الصلاة والسلام، ولكنه بسبب وجود نصوص كثيرة وأفعال كثيرة وأعداد غفيرة فلابد أن تكثر المسائل وأن تتعدد الأجوبة من أهل العلم، ومن ههنا كان هناك أشياء في الحج محل إجماع عند الفقهاء وهناك مسائل وقع فيها خلاف، وكلما كثر عدد الحجاج رؤيت الرحمة في اختلاف الفقهاء فرأي واحد لا يسع الحجاج في المسائل المختلف فيها ما دام الإنسان على فتوى الراسخين في العلم من أهل الفتوى فلا حرج عليه ويبقى المسلم متشوقاً لأن يقتدي برسوله عليه الصلاة والسلام إلا من اضطرته الظروف للأخذ برخص أهل العلم.