- الشريعة الإسلامية هي التي تعلّ العدل الاجتماعي ولذلك فرضت الزكاة، وهي التي تقيم العدل القضائي ولذلك فرض القصاص، وهي التي تعاقب على أي اعتداء على المجتمع ولذلك شرعت الحدود.
والشريعة هي التي تقيم العدل في العلاقات الاقتصادية المتوازنة، ولذلك أجازت البيع وحرمت الربا، وهي التي تقيم العدل على مستوى الأسرة والمجتمع والحكم، وهي التي تقيم العدل في باطن الإنسان وظاهره، ومن تأمل الشريعة عرف أنها كلها عدل وأنه لا مطمع بإقامة عدل كامل إلا بها، والعدل مطلب يتطلع إليه كل سويّ.
والشريعة الإسلامية هي التي تحدد الفرائض المطلوبة من كل فرد على حدة، ومن الأمة بمجموعها ومن الإنسان والناس، والفرائض كثيرة منها الفرائض نحو الله ومنها الفرائض نحو الناس، ومنها فروض العين وفروض الكفاية، ومنها فروض يطالب بها ظاهر الإنسان ومنها فروض يطالب بها باطنه، وكل ذلك مرتبط بعضه ببعض.
والشريعة الإسلامية هي التي تعرّفك كيف تضع الأمور مواضعها فيتحقق الفرد بصفة الحكمة ويتحقق المجموع بهذ الصفة، فهي التي تعرّفك كيف تتعامل مع الآباء، وهي التي تعرّفك كيف تضع الأمور في مواضعها في قضايا الحكم والسياسة وقضايا العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وعلاقة الناس ببعضهم، ثم هي التي تعرّف قلبك كيف يكون على مقتضى الحكمة، وأخلاقك كيف ينبغي أن تكون، لذلك قلنا إنه إذا لم يقم الدين الحق فإن الدنيا نفسها تكون في حالة شقاء ومصداق ذلك في كتاب الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (?) ولذلك ولغيره كانت العلوم الدينية أشرف من العلوم الدنيوية، لأنه بها يقوم الدين والدنيا وهذا من حكمة الحضّ على التفقه في دين الله.
* * *
إن الدنيا بالنسبة للآخرة لا تساوي شيئاً، وإذا كانت الدنيا بالنسبة للآخرة هذا شأنها