فتنورها وتزكيها وهي التي تصهر المجتمع الإسلامي ببعضه وبالإسلام حتى يذوب هذا المجتمع في بوتقة الإسلام، وهي التي تجدد قوة الإيمان وتقوي ما ضعف من صلة المسلم بإسلامه وإخوانه المسلمين، وهي مع بقية العبادات تصهر الشعوب والألوان في بوتقة الإنسانية الواحدة، لذلك وغيره أعطاها الكتاب والسنة ما أعطياها.
والصلاة لم يخل منها دين بعث الله به رسولاً فقد قال تعالى لموسى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (?). وقال إبراهيم عليه السلام: {اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (?).
236 - * روى أبو داود عن النبي عليه السلام لوفد ثقيف: "ولا خير في دين لا ركوع فيه".
والأصل أن تستغرق الصلاة حياة الإنسان لذلك فرضت ليلة الإسراء والمعراج في الملأ الأعلى خمسين صلاة ثم خففت إلى خمس لها أجر خمسين، وفتح الباب للتطوع.
وقد درج بعض الوعاظ والدعاة على أن يركزوا في عصرنا على معانٍ أخرى، ويقولوا ليست الصلاة هي كل شيء في الإسلام وهذا صحيح ولكن قد يشعر السامع أحياناً بعدم أهمية الصلاة نتيجة لذلك، فلابد أن يلحظ الواعظ ذلك.
إن للصلاة انعكاساتها على حياة الشخص وعلى حياة الأمة، ولها تأثيراتها الحضارية على حياة الأمة كلها يظهر ذلك في العمران وفي اللباس وفي طرائق الحياة.
وتكاد الصلاة أن تحوي كل رموز التكليف الرباني، كما أن تكليفاتها تخرج عن دائرتها إلى دوائر حياتية أخرى، فالطهارة شرط للصلاة لكن لها انعكاساتها خارج الصلاة، وستر العورة شرط في الصلاة ولكنه أدب المسلم خارجها، فالصلاة عبادة لله وهي في الوقت نفسه تدريب على نمط حياة هي الحياة الإسلامية: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} (?) {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (?).