قد يصيبك العجب عندما ترى سعة هذا الجزء الذي يتحدث عن الصلوات، ولكن إذا عرفت أن الصلاة هي العبادة الأولى وهي العبادة الكبرى، وإذا عرفت أن الصلوات هي حياة الأيام والأسابيع والسنين والأوقات والأوضاع والمناسبات، وإذا عرفت أن الصلوات هي المنظم لحياة المسلم وللحياة الإسلامية كلها، وهي مظهر حياة الإسلام وحيويته وإذا عرفت أن كثيراً من أصول التكليف، وفروعه تعتبر امتداداً لأصول في الصلاة بل إن التكليف كله ينسجم مع الصلاة ويتكامل معها بل يعتبر انبثاقاً عنها، وإذا عرفت أن الصلاة محل التركيز الثاني بعد التوحيد في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها للقلب البشري وللحياة البشرية دواء وغذاء وارتقاء، إذا عرفت هذا كله لما تعجبت من كثرة النصوص الواردة في الصلوات.
وخذ أمثلة على التكامل بين الصلاة والتكاليف الإسلامية الأخرى: الطهارة والنظافة تتكاملان، كما أن بين الصلاة والتكاليف الأخلاقية تكاملاً، فالصلاة بما فيها من خضوع لله تنفي الكبر والعجب، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وبين ستر العورة في الصلاة وستر العورة خارج الصلاة صلة وتكامل، وبين إعمار المساجد حساً ومعنىً، وبين الذكر والعلم وصلاة الجماعة والجمعة صلة وتكامل.
ولئن كان أرقى أنواع العبادة في الإسلام الذكر والفكر والدعاء، فإن أرقى صيغ الأداء للذكر والفكر والداء هي الصلاة، لأنه اشترط لها شروط خاصة، وتؤدي على هيئة خاصة فاجتمع للذكر والفكر والدعاء فيها ما لم يجتمع في غيرها، من استقبال للقبلة إلى الطهارة إلى الستر إلى الركوع إلى السجود ....
واستيعاب هذه المواضيع وما يتفرع عنها لابد منه وهذا يقتضي سعةً وتوسعاً، وإذا كان فقه الصلاة هو الذي لي فقه التوحيد في الأهمية، فإن المسلم لا يبالي ما يبذل من جهد في ذات الله للتفقه في الصلاة.
إن الصلوات وما يحيط بها هي الإطار الجامع والصاهر، فهي التي تصهر النفس بالإسلام