قال الحافظ: وكان أبي بن كعب لا يرجع عما حفظه من القرآن الذي تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أخبره غيره أن تلاوته نسخت، لأنه إذا سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حصل عنده القطع به، فلا يزول عنه بإخبار غيره أن تلاوته نسخت، وقد استدل عليه عمر بالآية الدالة على النسخ، وهو من أوضح الاستدلال في ذلك.

أقول: إذا كان لأُبيِّ وأمثاله من الصحابة عذر بسبب ما ذكره الحافظ فإنه لا حجة لأحد بعدهم أن يخالف رسم المصحف لقراءة شاذة عن ذلك لمخالفة المتواتر والإجماع. وفي هذا النص توضيح لما ذكر من قبل أن المصحف العثماني خلا مما نسخت تلاوته.

- في وقوع النسخ في القرآن:

2481 - * روى الترمذي عن أبي رفعه: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ عليه لم يكن الذين كفروا، وقرأ فيها، إن الدين عند الله الحنيفيةُ المسلمة لا اليهوديةُ ولا النصرانية ولا المجوسية، ومن يعمل خيراً فلن يُكفرهُ، وقرأ فيها، لو أن لابن آدم وادياً من مال لابتغى إليه ثانياً، ولو أن له ثانياً لابتغى إليه ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".

2482 - * روى أحمد: أن أُبياً قرأ لم يكن حتى بلغ {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، ثم قرأ: (إن الدين عند الله الحنيفية) إلى آخر الزيادة، فقال: ثم ختم ما بقي من السورة.

أقول: ما ورد في هذه الرواية من باب المنسوخ التلاوة ولذلك لم يدخل في المصحف الإمام، وفي هذه الرواية تفصيل لما كان يحافظ عليه أبي بسبب ما ذكرناه.

2483 - * (1) روى مسلم عن أبي الأسود الدؤلي (رحمه الله) قال: بعث أبو مُوسى إلى قُرَّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجلٍ قد قرؤوا القرآن، فقال: أنت خيارُ أهل البصرةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015