أقول: وفي الرواية الثانية لمسلم أن أصل التكليف كان بحرف واحد والظاهر أنه كان بحرف قريش، وأن ما زاد على ذلك من الأحرف السبعة كان رخصة روعي فيها حال العرب وقت تنزل القرآن. ولعل هذا يصلح دليلاً للإجماع على رسم واحد للقرآن، وقوله: إن قلت سميعاً عليماً، عزيزاً حكيماً لا يعني هذا أن الإنسان مخير في أن يبدل كلمة بكلمة بل المراد إذا أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم أي حرف فهو قرآن، ويفهم من ذلك أن الأحرف السبعة قبل الرسم العثماني للمصحف تشمل هذه الصورة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعض الآيات تختم بأكثر من خاتمة على أن يحافظ القاريء على ما تلقنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث إشارة إلى ما لا يبطل الصلاة كما أن فيه نموذجاً عملياً على الحال الذي كان يحدث للصحابة حال اجتماعهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه إشارة إلى ما يغلب القلب أحياناً من وساوس ليست محل مؤاخذة ما دام الإنسان يجاهدها.

2449 - * روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرأني جبريل على حرفٍ، فراجعتُه فزادني، فلم أزل أستزيده ويزيدُني، حتى انتهى إلى سبعة أحرفٍ" قال ابن شهابٍ: بلغني أن تلك السبعة الأحرف: إنما هي في الأمر الذي يكون واحداً، لا يختلفُ في حلال ولا حرام.

أقول: يفيد النص أن الأحرف السبعة لا تتناقض، ولو أن الأحرف السبعة وصلتنا لكان فيها مظهر من مظاهر الإعجاز (1)، ولوجدنا فيها علماً كثيراً حول طرائق العرب في الخطاب ولهجاتهم المختلفة وتعبيراتهم عن المعنى الواحد بألفاظ متعددة ولكن هذه المصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015