والتلقين التي كانت هي السائدة وهي الأصل في حياة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وتابع التابعين بإحسان فهم يحرصون على إحياء سنة التلقن القرآني عن أهل ذلك، وسنة التلقن للسنة النبوية عن أهل ذلك، وسنة التلقن للأذكار والدعوات عن أهل ذلك، فمع التلقن تسري أنوار وأسرار إلى القلوب وعند عدم تيسر التلقن والتلقين، فالمطالعة والمذاكرة والمجالسة من الوسائل التي تنوب عن الأصل حال فقده.
وقد ورد في تلاوة القرآن نصوص كثيرة في الكتاب والسنة وقد فرض علينا أن نقرأ القرآن كما أنزل، وهذا يقتضي أن نقرأه كما أقرأنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر رسول الله أن يقرأه مرتلاً {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (?) لذلك كان أخذ القرآن من أهله وقراءته على الطريقة التي كان يؤديها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرائض وقد استقرأ علماء المسلمين طرق الأداء واستخرجوا أحكام ترتيل القرآن على كل الروايات التي وردتنا بالطرق المتواترة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام فبأي رواية قرأ المسلم القرآن فعليه أن يلاحظ هذه الأحكام، ولذلك افترض على مريد قراءة القرآن أن يعرف هذه الأحكام، وافترض على من يحفظ شيئاً من القرآن أن يحفظه ملاحظاً هذه الأحكام وهذا يقتضي الاهتمام بحلقات القرآن وقراءته وإقرائه ومعرفة أحكام ترتيله.
وقد نزل القرآن على سبعة أحرف ليسع لهجات العرب وطرائقهم في النطق وقد جمع القرآن كتابة في عهد خلافة أبي بكر على الرسم الذي يلحظ لغة قريش، ثم عمم ذلك عثمان رضي الله عنه فما وافق هذا الرسم من الأحرف السبعة لا زال حياً وما خالفه فقد انتهى دوره لإمكانية أن يستقيم لسان الأمة على ما وافق هذا الرسم بعد المرحلة الانتقالية فإذا ما ورد شيء من ذلك فإما أنه منسوخ أو أنه من باب التفسير لأن مصحف عثمان أجمع عليه الصحابة أنه كله قرآن غير منسوخ التلاوة، وهو منقول تواتراً ولم يتوافر لغيره هذان الشرطان فإذا ما سمعنا كلمة القراءات السبع أو القراءات العشر فليس المراد من ذلك الأحرف السبعة التي وردت في النصوص بل هي متضمنة لشيء من الأحرف السبعة مما وافق الرسم العثماني للمصحف، والمحافظة على هذه