لكن ابن الأثير كرر الأحاديث على حسب احتياجات الأبواب إليها، فخرج كتابه كبيراً واسعاً؛ لذلك اختصره ابن الديبع في مجلدين. وقد عرف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط - محقق كتاب الجامع - على ابن الأثير وكان مما قال:

هو الإمام البارع مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، ثم الموصلي المعروف بابن الأثير.

ولد في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة في جزيرة ابن عمر، وهي - على ما يقول ياقوت الحموي معاصر المؤلف - بلدة فوق الموصل: بينهما ثلاثة أيام، ونشأ بها وتلقى من علمائها معارفه الأولى، من تفسير وحديث ونحو ولغة وفقه، ثم تحول سنة (565 هـ) إلى الموصل، وفيها بدأت معارفه تنضج وثقافته تزداد، وأقام بها إلى أن توفي.

قرأ الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان البغدادي، وأبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي، وأبي الحزم مكي بن الريان بن شبة النحوي الضرير، وسمع الحديث بالموصل من جماعة منهم خطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، وقدم بغداد حاجاً فسمع بها من أبي القاسم صاحب ابن الخل، وعبد الوهاب بن سكينة، وعاد إلى الموصل فروى بها وحدث وانتفع به الناس.

وصفه من أرخ له بأنه كان من محاسن الزمن، ذا دين متين، وطريقة مستقيمة، عارفاً، فاضلاً، ورعاً، عاقلاً، سيداً، مطاعاً، رئيساً، مشاوراً، ذا بِرَ وإحسان. قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة والحديث والفقه، وصنف تصانيف مشهورة وألف كتباً مفيدة.

منها: (غريب الحديث) على حروف المعجم، وهو المعروف بالنهاية، و (الشافي في شرح مسند الشافي) و (الإنصاف بين الكشف والكشاف)، جمع فيه بين تفسيري الثعلبي والزمخشري، و (البديع) في النحو، و (الباهر في الفروق) في النحو أيضاً، و (تهذيب فصول ابن الدهان) و (المصطفى المختار من الأدعية والأذكار) و (كتاب لطيف في صناعة الكتابة) وله رسائل في الحساب مُجدّوْلات، وكتاب ديوان رسائله: كتاب البنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015