لما وقفت على هذه الكتب أي الستة ورأيتُها في غاية من الوضع الحسن والترتيب الجميل، ورأيت كتاب (رَزِين) هو أكبرها وأعمها، حيث حوى هذه الكتب الستة التي هي أم كتب الحديث، وأشهرها في أيدي الناس وبأحاديثها أخذ العلماء واستدل الفقهاء، وأثبتوا الأحكام، وشادوا مباني الإسلام.
ومصنفوها أشهر علماء الحديث، وأكثرهم حفظاً، وأعرفهم بمواضع الخطأ والصواب، وإليهم المنتهى، عندهم الموقف.
فحينئذ أحببت أن أشتغل بهذا الكتاب الجامع لهذه الصحاح، وأعتني بأمره، ولو بقراءته ونسخه، فلما تتبعته وجدته - على ما قد تعب فيه - قد أودع أحاديث في أبواب، غير تلك الأبواب أولى بها، وكرر فيه أحاديث كثيرة، وترك أكثر منها.
ثم إنني جمعت بين كتابه وبين الأصول الستة التي ضمنها كتابه، فرأيت فيها أحاديث كثيرة لم يذكرها في كتابه، إما للاختصار، أو لغرض وقع له فأهملها، ورأيت في كتابه أحاديث كثيرة لم أجدها في الأصول التي قرأتها وسمعتها ونقلت منها، وذلك لاختلاف النسخ والطرق، ورأيته قد اعتمد في ترتيب كتابه على أبواب البخاري، فذكر بعضها وحذف بعضها.
فناجتني نفسي أن أهذب كتابه، وأرتب أبوابه، وأوطيء مقصده، وأسهل مطلبه، وأضيف إليه ما أسقطه من الأصول، وأُتبعه شرح ما في الأحاديث من الغريب والإعراب والمعنى، وغير ذلك مما يزيده إيضاحاً وبياناً، فاستصغرت نفسي عن ذلك، واستعجزتها، ولم يزل الباعث يقوى والهمة تنازع، والرغبة تتوفر، وأنا أُعللها بما في ذلك من التعرض للملام، والانتصاب للقدح، والأمن من ذلك جميعه مع الترك، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، فتحققت بلطف الله العزيمة، وصدقت بعونه النية، وخلصت بتوفيقه الطوية.
فشرعت في الجمع بين هذه الكتب الستة التي أودعها (رزين) - رحمه الله - كتابه، وصدفت عما فعله ورتبه، فاعتمدت على الأصول دون كتابه، واخترت له وضعاً يزيد بيانه حسبما أدى إليه اجتهادي، وانتهى إليه عرفاني.