يسمى بالسياسة الشرعية أو ما يسميه بعضهم بـ (حكم الإمامة). وبيان ذلك أن مشروعية فرض الجهاد من حيث الأصل، حكم تبليغي لا يخضع لأي نسخ أو تبديل، كما أن أصل مشروعية الصلح والمعاهدات ثابت لا يجوز إبطاله أو اجتثاثه من أحكام الشريعة الإسلامية، غير أن جزئيات الصور التطبيقية المختلفة لذلك، تخضع لظروف الزمان والمكان وحالة المسلمين وحالة أعدائهم، والميزان لحكم في ذلك إنما هو بصيرة الإمام المتدين العادل وسياسة الحاكم المتبحر في أحكام الدين مع إخلاص في الدين وتجرد في القصد، إلى جانب اعتماد دائم على مشاورة المسلمين والاستفادة من خبراتهم وآرائهم المختلفة.

فإذا رأى الحاكم أن من الخير للمسلمين أن لا يجابهوا أعداءهم بالحرب والقوة، وتثبت من صلاحية رأيه بالتشاور والمذاكرة في ذلك، فله أن يجنح إلى سلم معهم لا يصادم نصاً من النصوص الشرعية الثابتة، ريثما يأتي الظرف المناسب والملائم للقتال والجهاد، وله أن يحمل رعيته على القتال والدفع إذا ما رأى المصلحة والسياسة الشرعية السليمة في ذلك الجانب.

وهذا ما اتفق عليه عامة الفقهاء ودلت عليه مشاهد كثيرة من سيرته صلى الله عليه وسلم اللهم إلا إذا داهم العدو المسلمين في عقر دورهم وبلادهم، فإن عليهم دفعه بالقوة مهما كانت الوسيلة والظروف، ويعم الواجب في ذلك المسلمين والمسلمات كافة بشرط توفر مقومات التكليف أهـ.

* * *

8 - في أعقاب بدر

356 - * روى الحاكم عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب، وكنت قد أسلمت وأسلمت أم الفضل وأسلم العباس وكا يكتم إسلامه مخافة قومه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام وكان له عليه دين فقال له: اكفني هذا الغزو وأتركُ لك ما عليك، ففعل فلما جاء الخبرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015