فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع به الرجل، ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن راياتٍ تكن علماً، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطتة به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك. فلما بُعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله، إلا نكاح الناس اليوم.
أقول:
هذا نموذج على ما كان عليه الحال في الجاهلية، فإذا ما عرفت أن بعض النساء كن يطفن بالكعبة عاريات أدركت أين وصل الإسفاف في العبادات وفي العلاقات، فإذا ما اجتمع لذلك عبادة الأصنام عرفت الرحمة الإلهية بالبشرية إذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فأعطى أصفى أنواع التوحيد وأرقى أنواع العبادة وأطهر أنواع المعاملات والآداب.
لخص الأستاذ الندوي الحال التي كان عليها العرب وغيرهم وقتذاك بقوله:
كانت الأوضاع الفاسدة، والدرجة التي وصل إليها الإنسان في منتصف القرن السادس المسيحي أكبر من أن يقوم لإصلاحها مصلحون ومعلمون في أفراد الناس، فلم تكن القضية قضية إصلاح عقيدة من العقائد، أو إزالة عادة من العادات، أو قبول عبادة من العبادات، أو إصلاح مجتمع من المجتمعات، فقد كان يكفي له المصلحون والمعلمون الذين لم يخل منهم عصر ولا مصر.
ولكن القضية كانت قضية إزالة أنقاض جاهلية، ووثنية تخريبية، تراكمت عبر القرون والأجيال، ودفنت تحتها تعاليم الأنبياء والمرسلين، وجهود المصلحين والمعلمين، وإقامة بناء شامخ مشيد البنيان، واسع الأرجاء، يسع العالم كله، ويؤوي الأمم كلها، قضية إنشاء إنسان جديد، يختلف عن الإنسان القديم في كل شيء، كأنه ولد من جديد، أو عاش من جديد {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي