وتوضَّعَتْ نتيجة لاعتماد هذين المبدأين مئات الاصطلاحات والقواعد والضوابط وعشرات العلوم وأنواع الدراسات، ونتج عن ذلك عشرات الألوف من الكتب، وكل ذلك للوصول في النهاية إلى ما يصح اعتماده من النصوص ومالا يصح.

(3)

انصب جهد القراء على حفظ الشاردة والواردة مما له علاقة بالقرآن الكريم، أحرفه ورواياته، من الهمس فيه إلى تعدد اللهجات في النطق به، إلى استقراء طرائق الأداء التي أدى بها الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القرآن لشتى القبائل.

وانصبَّ جهد المحدثين على حفظ الحديث وتبيان ما داخله أو خالطه أو أدخل عليه.

وبهذا الجهد وذاك قدم القراء والمحدثون المادة الخام لكل علوم الإسلام التي انبثقت عن الكتاب والسنة، كعلم أسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم التفسير وعلم الأصول وعلوم العقائد والفقه والأخلاق والآداب والسلوك وعلوم السيرة والشمائل والخصائص إلى غير ذلك من علوم أمهات، ولقد وسِعَتْ هذه المادة الخام الحياة كلها؛ ولذلك فإن الدراسات والمعاني التي يمكن أن تنبثق عن الكتاب والسنة لا تتناهى.

وإذا كانت المحصلة المرادة من النصوص هي الأحكام الشرعية فقد وجد علم أصول الفقه الذي يضبط كيفية الوصول إلى الأحكام الشرعية التي تسع الزمان والمكان والتي لا تتناهى كذلك.

وهذا العلم - علم أصول الفقه - هو الذي وضع القواعد التي تضع السنة في محلها بالنسبة لأصول التشريع، والذي وضع قواعد الوصول إلى الحكم الشرعي من خلال استشراف النصوص وأصول الأحكام.

وهكذا تعاون القراء والمحدثون والمجتهدون والأصوليون والراسخون في العلم بعامة على وضع كل نص في محله بالنسبة لبناء الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015