جبلاً حتى رجعتُ، فدخلتُ عليه، فسألني عن حال الناس، وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة، فآليتُ أن أقولها لك: زعموا أنك غير مستخلفٍ، وإنه لو كان لك راعي إبل، أو راعي غنمٍ، ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع، فرعاية الناس أشدُّ؟ قال: فوافقه قولي، فوضع رأسه ساعة، ثم رفعه إليَّ، فقال: إن الله عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلفْ، وإن أستخلفْ فإن أبا بكر قد استخلف، قال: فوالله، ما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله علي هوسلم وأبا بكر، فعلمتُ أن لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، وأنه غير مُستخلفٍ.
وفي رواية (?) بمعناه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل لعمر ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه فقال: راغب وراهب، وددت أني نجوت منها كفافاً لا ليَّ ولا علي، لا أتحملها حياً وميتاً.
(راغبٌ وراهبٌ) الراغبُ: الطالب، والراهب: الخائف، والمراد: أنكم في قولكم لي هذا القول، إما راغبٌ فيما عندي، أو راهب مني، وقيل: أراد: انني راغبٌ فيما عند الله، وراهبٌ من عقابه، فلا تعويل عندي على ما قلتم لي من الوصف والإطراء.
1601 - * روى البخاري عن مرو بن ميمونٍ قال: "رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يُصاب بأيام بالمدينة ووقف على حُذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيفٍ قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيقُ؟ قالا: حملناها أمراً هي له مطيقةٌ، ما فيها كبيرُ فضل. قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيقُ. قالا: لا. فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجلٍ بعدي أبداً. قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن