حَفِيظًا} (?). وقال: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?). وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?).

إن السير في ركاب المرسلين هو الخير كله، ومن ثَمَّ كانت سنة محمد - عليه الصلاة والسلام - مصدراً لشريعته مع الكتاب الذي شرفهُ الله به، إلا أن السنن المأثورة عرض لها ما يوجب اليقظة في تلقيها، فليس كل ما ينسب إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - سنة تقبل، ولا كل ما صحت نسبته صح فهمهن أو وُضِعَ موضعه.

والمسلمون لم يؤذوا من الأحاديث الموضوعة - لسهولة تزييفها وفضحها - قدر ما أوذوا من الأحاديث التي أُسيءَ فهمها واضطربت أوضاعها، حتى جاء أخيراً من ينظر إلى السنن جمعاء نظرة ريبة واتهام، ويتمنى لو تخلص المسلمون منها.

وهذا خطأ من ناحيتين: إهمال الحقيقة التاريخية أولاً، فإن الدنيا لم تعرف بشراً أحصيت آثاره ونقدت بحذر، ومُحِّصت بدقة، كما حدث ذلك في آثار محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

والناحية الأخرى أن في السنة كنوزاً من الحكمة العالية، لو نسب بعضها إلى أحد من الناس لكان من عظماء المصلحين، فلماذا تضيع ويحرم الناس خيرها؟!

عندما درسنا تراث محمد - صلى الله عليه وسلم - في (الأخلاق) وذاكرنا أحاديثه التي تربو على الألوف في شتى الفضائل، خيل إلينا: لو أن جيشاً من علماء النفس والتربية اجتمع ليسوق للعالم مثل هذا الأدب لعجز، والأخلاق شعبة واحدة من رسالة محمد - عليه الصلاة والسلام - الضخمة أهـ.

وهكذا استقر في ذهني منذ بدايات سيري إلى الله ضرورة التعرف على السنة الصحيحة والحسنة، وضرورة فهمها فهماً صحيحاً. وبعد مطالعات كثيرة في كتب السنة وجدت أن الحاجة ملحة لوجود كتاب يجمع السنة الصحيحة والحسنة، ويقدم مع ذلك الفهم الصحيح للنصوص التي تحتاج إلى شرح أو توضيح. ومن ثم ولدت فكرة هذا الكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015