سفعة من غضبٍ. قال: أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مالٌ. فأتيتُ أهلهُ فسلمتُ. فقلت: ثم هو؟ قالوا: لا. فخرج علي ابن له جفرٌ. فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرجْ إليَّ. فقدْ علمتُ أين أنت. فخرج. فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله! أُحدثك. ثم لا أكذبُك. خشيتُ، والله! أن أحدثك فأكذبك. وأن أعدك فأخلفك. وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكنت، والله! معسراً. قال: قلتُ: آلله! قال: اللهِ! قلت: آللهِ! قال: الله. قلت: آلله! قال: الله. قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده. فقال: إن وجدت قضاء فاقضني. وإلا أنت في حِلٍّ، فأشهدُ بصر عيني هاتين (ووضع إصبعيه على عينيه) وسمع أذني هاتين، ووعاهُ قلبي هذا (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "من أنْظَرَ معسراً" أو وضعه عنهُ، أظلهُ الله في ظله".
قال فقلتُ له أنا: يا عم! لو أنك أخذت بُردة غُلامِكَ وأعطيتَهُ معافريكَ، وأخذت معافريهُ وأعطيته بُرْدَتك، فكانت عليك حُلةً وعليه حُلةً. فمسح رأسي وقال: اللهم! بارك فيه. يا ابن أخي! بصرُ عيني هاتين، وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي هاذ (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "أطعموهم مما تأكلون. وألبسوهم مما تلبسون". وكان أن أعطيته من متاع الدنيا أهون عليَّ منْ أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة.
ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله في مسجده، وهو يُصلي في ثوبٍ واحدٍ (1)،