السيرة النبوية - في الأصل - هي الكتاب والسنة، إنك لا تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا عرفت الكتاب الذي أنزل عليه، وعرفت مجموع أقواله وأفعاله وصفاته وتقريراته، وتلك هي سنته.
لقد كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ولقد كان القرآن نفسه سجلاً لأهم الأحداث في حياته - عليه الصلاة والسلام - فمن هنا قلنا إن القرآن سيرته، وإن أقواله وأفعاله وصفاته وتقريراته هي سيرته، ومن ثم فإن هذا الكتاب وكتاب الأساس في التفسير من سلسلة في المنهج هما في سيرته.
وبهذا المعنى تقول: إن السيرة النبوية تسع الزمان والمكان والأشخاص فهي منهج متكامل متجدد، فما من وضع للإنسان وللناس وللمكلفين إلا والسيرة النبوية تسعه قدوة وعملاً ملاحظاً في ذلك أحوال الناس جميعاً من ضعف إلى قوة، وما دام الإنسان على مقتضى الفتوى فإنه على نوع من القدوة.
على أن كُتاب السيرة درجوا على أن يرسموا صورة لشخصه ومسرى لأحداث حياته - عليه الصلاة والسلام - ومن ههنا أصبحت السيرة في الاصطلاح جزءاً من كلٍّ، وأصبحت علماً على علم خاص أشبه بالتاريخ الشخصي وما يحيط به.
ولهذا جعلنا الكلام عن سيرته - عليه الصلاة والسلام - قسماً من أقسام هذا الكتاب.
وقد أدخلنا في هذا القسم ما هو ألصق بالسيرة الذاتية، وما فاتنا ذكره هنا مما هو ألصق بموضوعات أخرى يجده القارئ في بقية الأقسام.
وكما توضَّعت حول أي موضوع من موضوعات الكتاب والسنة دراسات وتحقيقات وأصبح لكثير من الموضوعات مختصون ومحققون، فكذلك هذا القسم من السنة النبوية، فكما وجد في الفقه وفي التوحيد وفي التفسير أئمة" فقد وجد في السيرة أئمة، من أمثال ابن إسحق وموسى بن عقبة والواقدي، وغيرهم كثير.