[سورة ق (50): آية 36]

لَدَيَّ أي: لا تطمعوا أن أبدّل قولي ووعيدي بإدخال الكفار في النار وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فلا أعذب عبدا بغير ذنب قال ابن كثير: أي لست أعذب أحدا بذنب أحد، ولكن لا أعذّب أحدا إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة هل امتلأت، وذلك لأنه تبارك وتعالى وعدها أن سيملؤها من الجنّة والناس أجمعين، فهو سبحانه وتعالى يأمر بمن يأمر به إليها، ويلقى وهي تقول: هل من مزيد؟ أي هل بقي شيء تزيدوني؟ هذا الظاهر من سياق الآية وعليه تدل الأحاديث). قال النسفي:

وهذا على تحقيق القول من جهنم، وهو غير مستنكر كإنطاق الجوارح، والسؤال لتوبيخ الكفرة، لعلمه تعالى بأنها امتلأت أم لا

وَأُزْلِفَتِ أي: أدنيت وقرّبت الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ قال النسفي: أي مكانا غير بعيد

هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ أي: رجّاع تائب مفلح حَفِيظٍ أي: حافظ لحدود الله، أو حفيظ لعهده مع الله قال ابن كثير: أي يحفظ العهد فلا ينقصه ولا ينكثه

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ قال ابن كثير: أي من خاف الله في سرّه حيث لا يراه أحد إلا الله عزّ وجل، كقوله صلّى الله عليه وسلم «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. قال ابن كثير: أي ولقي الله عزّ وجل يوم القيامة بقلب منيب سليم إليه، خاضع لديه. وقال النسفي: أي راجع إلى الله، وقيل بسريرة مرضيّة، وعقيدة صحيحة.

ادْخُلُوها أي: الجنة بِسَلامٍ أي: سالمين من زوال النعم وحلول النقم. قال قتادة: سلموا من عذاب الله عزّ وجل، وسلّم عليهم ملائكة الله ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ أي: يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدا، ولا يظمئون أبدا، ولا يبغون حولا

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها أي: مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم وَلَدَيْنا مَزِيدٌ على ما يشتهون. قال النسفي: والجمهور على أنه رؤية الله تعالى بلا كيف.

وبعد هذه الجولة في مشاهد اليوم الآخر يعود السياق لينذر بعذاب الله في الدنيا.

وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ أي: قبل المكذبين من هذه الأمة مِنْ قَرْنٍ من القرون الذين كذّبوا الرسل هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً أي: كانوا أكثر منهم وأشدّ قوة فهم أشد من هؤلاء قوة وسطوة فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أي: فبسبب من قوتهم نقّبوا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015