جعله يقظة فقد غلط، وهو في السنن من طرق، وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليماني به، وقال: حسن صحيح وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر).
بمناسبة ذكر قصة آدم عليه السلام في سورة (ص) قال ابن كثير:
(هذه القصة ذكرها الله تبارك وتعالى في سورة البقرة، وفي أول سورة الأعراف، وفي سورة الحجر، وسبحان، والكهف وهاهنا، وهي أن الله سبحانه وتعالى أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، وتقدم إليهم بالأمر، متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله عزّ وجل؛ فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس، ولم يكن منهم جنسا. كان من الجن، فخانه طبعه وجبلته أحوج إليه فاستنكف عن السجود لآدم، وخاصم ربه عزّ وجل فيه، وادّعى أنه خير من آدم، فإنه مخلوق من نار، وآدم خلق من طين، والنار خير من الطين في زعمه، وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله تعالى، وكفر بذلك، فأبعده الله عزّ وجل، وأرغم أنفه، وطرده عن باب رحمته، ومحل أنسه، وحضرة قدسه، وسماه إبليس إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة، وأنزله
من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث، فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه. فلما أمن الهلاك إلى القيامة تمرد وطغى وقال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ كما قال عزّ وجل أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ، لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى، وهي قوله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء: 65].
بمناسبة قوله تعالى: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ قال النسفي: (للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم) وأذكر بمناسبة هذه الآية قوله عليه الصلاة والسلام:
«أنا وصالحو أمتي براء من التكلف»، وفي الصحيحين أن ابن مسعود قال: أيها الناس من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، قال الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلم قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ.