لم يصح الصلح ولم يمكنوا، وما استوفى من الدخول ملك ما يقابله من المال المصالح عليه؛ فإن دخلوا إلى انتهاء ما صولحوا عليه، ملك عليهم جميع العوض؛ لأنهم استوفوا ما صولحوا عليه.
ولا يمنعون من دخول المدينة؛ لأن الآية نزلت في اليهود بالمدينة، ولم يمنعهم –عليه الصلاة والسلام-، ولم يأمرهم بالخروج؛ فإن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكفار لابد له من لقاء الإمام، والإمام بالحرم المكي، خرج الإمام إليه، ولم يأذن له في الدخول للآية.
فإن دخل الكافر الحرم رسولًا كان أو غيره عالمًا، عزز لإتيانه محرمًا وأخرج من الحرم، وينهي الجاهل عن العود لمثل ذلك، ويهدد ويخرج ولا يعزر؛ لأنه معذور، وإن مرض بالحرم أو مات به أخرج؛ لأنه إذا وجب إخراجه حيًا فإخراج جيفته أولى.
وإن دفن بالحرم نبش وأخرج إلا أن يكون قد بلي، فيترك ويمنعون من إقامته بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر، والينبع، وفدك وقراها المجتمعة؛ لحديث عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلمًا» . قال الترمذي: حسن صحيح.
وعن ابن عباس قال: أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أشياء، قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه» ، وسكت عن الثالثة. رواه أبو داود. والمراد بجزيرة العرب الحجاز؛ لأنهم لم يجلوا من تيماء، ولا من اليمن، ولا من فدك، وهي قرية بشرق سلمى أحد جبلي طيء.
وقال الشيخ تقي الدين: ومنه تبوك ونحوها وما دون المنحنى، وهو عقبة الصوان من الشام كمعان، وليس لهم دخوله لا إذن الإمام، كما أن أهل الحرب