لا من كل شعرة بعينها؛ لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه، والأصل في ذلك قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} وهو عام في جميع شعر الرأس، وقد حلق - صلى الله عليه وسلم - جميع رأسه فكان ذلك تفسيرًا لمطلق الأمر بالحلق أو التقصير، فيجب الرجوع إليه.
والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة، فأقل من روس الضفائر؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير» رواه أبو داود؛ ولأنه مثلة في حقهن.
ويُسن أخذ أظفاره وشاربه وعانته وإبطه، قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه قلَّم أظفاره، وكان ابن عمر يأخذ من شاربه وأظفاره ثم قد حلِّ له كل شيء من الطيب وغيره، إلا النساء؛ لحديث عائشة مرفوعًا قال: «إذا رَمَيتم وحلقتم فقد حلَّ لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء» رواه سعيد، وقالت عائشة: «طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت» متفق عليه.
ج: والحلق والتقصير نسك في حج وعمرة في تركهما معًا دم؛ لأنه تعالى وصفهم بذلك، وامتن عليهم به فدل على أنه من العبادة ولأمره –عليه الصلاة والسلام- بقوله: «فليقصر ثم ليحلل» ، ولو لم يكن نسكًا لم يتوقف الحل عليه، ودعا –عليه الصلاة والسلام- للمقصرين والمحلقين وفاضل بينهم، فلولا أنه نسك لما استحقوا لأجله الدعاء؛ ولما وقع التفاضل فيه إذ لا مفاضلة في المباح،