عرنة، وهناك مسجد يقال له: مسجد إبراهيم؛ وإنما بني في أول دولة بني العباس، فيصلي هناك الظهر والعصر قصرًا، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصلي خلفه جميع الحاج أهل مكة وغيرهم قصرًا وجمعًا، يخطب بهم الإمام كما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعيره ثم إذا قضى الخطبة أذن المؤذن وأقام ثم يصلي كما جاءت بذلك السُّنة ويصلي بعرفة ومزدلفة ومنى قصرًا ويقصر أهل مكة وكذلك يجمعون للصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى، كما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى، أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
ومن حكى ذلك عنهم فقد أخطأ؛ ولكن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك في غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة.
وأما في حجه؛ فإنه لم ينزل بمكة؛ ولكن كان نازلاً خارج مكة وهناك كان يصلي بأصحابه. وفي (ص168) قال: ومن سُّنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بالمسلمين جميعهم بعرفة بين الظهر والعصر وبمزدلفة بين المغرب والعشاء وكان معه خلق كثير ممن منزله دون مسافة القصر من أهل مكة وما حولها ولم يأمر حاضري المسجد الحرام بتفريق كل صلاة في وقتها ولا أن يعتزل المكيون ونحوهم فلم يصلوا معه العصر وأن ينفردوا فيصلوها في أثناء الوقت دون سائر المسلمين؛ فإن هذا مما يعلم بالاضطرار لمن تتبع الأحاديث أنه لم يكنُ وهو قول مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وعليه يدل كلام أحمد. انتهى.
ويعجل لحديث جابر: «ثم أذَّن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا» ، وقال سالم للحجاج بن يوسف يوم عرفة: إن كنت تريد أن تصيب السُّنة فقصر الخطبة، وعجل الصلاة، فقال عمر: «صدق» رواه البخاري. ثم يأتي عرفة وكلها موقف؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «فقد وقفت هاهنا