ج: قد تقدم لنا أنه يلزمه أن يقيم مَن يحج ويعتمر عنه، وأن الحج يجب فورًا ويستناب عن العاجز من يحج عنه من حيث وجب عليه، إما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه، وبهذا قال الحسن وإسحاق ومالك في النذر، وقال عطاء في الناذر: إن لم يكن نوى مكانًا فمن ميقاته، واختاره ابن المنذر، وقال فيمن عليه حجة الإسلام: يستأجر من يحج عنه من الميقات؛ لأن الإحرام لا يجب دونه، والذي تميل إليه النفس أنه لا يلزم أن يكون من بلد المنوب عنه؛ لأنه ليس في حديث الخثعمية ولا حديث الخثعمي ما يدل على أنه لابد أن يكون من حيث وجب ولم يرد أحاديث أخرى تدل على ذلك. والله أعلم.
ج: إذا استناب العاجز عن الحج لمرض لا يُرجى برؤه ونحوه ويسمى المعضوب فحج النائب ثم عوفي المستنيب لم يجب عليه حج آخر، وهذا إذا عوفي بعد الفراغ من النسك؛ لأنه أتى بما أمر به فخرج من العهدة كما لو لم يبرأ؛ وأما إن عوفي قبل إحرام النائب فإنه لا يجزئه للقدرة على المبدل قبل الشروع في البدل كالمتيمم يجد الماء؛ وأما إذا عوفي بعد الإحرام وقبل الفراغ، فالمذهب يجزئه والجمهور على أنه لا يجزئ لو عوفي بعد الإحرام وقبل فراغ النسك؛ لأنه تبين أنه لم يكن مأيوسًا منه، قال في «المبدع» : وهو الأظهر عند الشيخ تقي الدين ومن يرجى برؤه لا يستنيب؛ فإن فعل لم يجزئه ويسقطان عن من لم يجد نائبًا مع عجزه عنهما لعدم استطاعة بنفسه ونائبه، ومن لزمه حج أو عمرة بأصل الشرع أو بإيجابه على نفسه فتوفى قبله ولو قبل التمكن من فعله لنحو حبس أو أسْرِ عدو وكان استطاع مع سعة وقت وخلف ما لا أخرج عن الميت من جميع ماله حجة وعمرة أي ما يفعلا به من حيث وجبا وتقدم الخلاف في ذلك، ويجزئ أن يستناب عن معضوب من أقرب وطنيه ومن خارج بلده إلى دون مسافة قصر.