ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة» ، وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ , قال: «الزاد والراحلة» رواه الدارقطني، وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الزاد والراحلة يعني قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} » رواه ابن ماجه، ولا يعتبر ملك راحلة في دون مسافة قصر عن مكة للقدرة على المشي غالبًا إلا لعاجز عن المشي كشيخ كبير فيعتبر ملك الراحلة بآلتها حتى في دون المسافة ولا يلزمه حبوًا ولو أمكنه؛ وأما الزاد فيعتبر قَربُتَ المسافة أو بعدت مع الحاجة إليه أو ملك ما يقدر به من نقد أو عرض على تحصيل الزاد والراحلة وآلتهما؛ فإن لم يملك ذلك لم يلزمه الحج؛ لكن يستحب لمن أمكنه المشي والكسب بالصنعة ويكره لمن حرفته المسألة ويعتبر كون ما تقدم من الزاد والراحلة وآلتهما أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه من كتب علم، ومسكن لمثله وخادم لنفسه، وعن ما لابد منه من نحو لباس وغطاء ووطاء وأواني؛ فإن أمكن بيع فاضل عن حاجته وشراء ما يكفيه بأن كان المسكن واسعًا أو الخادم نفيسًا فوق ما يصلح له وأمكن بيعه وشراء قدر الكفاية منه ويفضل ما يحج به لزمه ذلك؛ لأنه مستطيع ويعتبر كون زاد وراحلة وآلتهما أو ثمن ذلك فاضلاً عن قضاء دين حال أو مؤجل لله أو لآدمي؛ لأن ذمته مشغولة به وهو محتاج إلى إبرائها، وأن يكون فاضلاً عن مؤنته ومؤنة عياله؛ لحديث: «كفى بالمرء إثمًا أن يضع من يقوت» من عقار أو بضاعة أو صناعة ونحوها، كعطاء من ديوان ولا يصير مُستَطِيعًا ببذل غيره له ما يحتاجه لحجه وعمرته.
وعن الشافعي أنه إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه؛ لأنه أمكنه الحج من غير منَّة تلزمه ولا ضرر يلحقه فلزمه الحج، كما لو ملك الزاد والراحلة، وهذا القول عندي أنه قوي جدًا مؤيدًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم» رواه الخمسة، وعن جابر أن رجلاً