ج: يُسن لمعتكف التشاغل بفعل القربى، واجتناب ما لا يعنيه من جدال ومراء وكثرة كلام وغيره؛ لقوه - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» حديث حسن رواه الترمذي وغيره؛ ولأنه مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى.
روى الخلال عن عطاء، قال: كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن نقرأه أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو تنطق في معيشتك بما لابد لك منه، ولا بأس أن تزوروه زوجته في المسجد وتتحدث معه وتصلح رأسه أو غيره ما يتلذذ بشيء منها، وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يُكثر؛ لأن صفيِّة زارته - صلى الله عليه وسلم - فتحدث معها ورجّلَت عائشة رأسه، ويكره الصمت إلى الليل.
وقال الموفق والمجد: ظاهر الأخبار تحريمه وجزم به في «الكافي» .
وقال في «الاختيارات الفقهية» : والتحقيق في الصمت أنه إذا طال حتى يتضمن ترك الكلام الواجب صار حرامًا كما قال الصديق، وكذا إن تعبَّد بالصمت عن الكلام المستحب والكلام الحرام يجب الصمت عنه. انتهى.
وإن نَذَر الصَّمْتَ لم يف به لحديث عليَّ: حفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا صُمَات يوم إلى الليل» رواه أبو داود.
وعن ابن عباس قال: بَينَا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم وأن يصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مروه فليستظل وليتكلم وليقعد وليتم صومه» رواه البخاري وابن ماجه وأبو داود.
ودخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها: زينب فرآها لا تتكلم، فقال: «ما لها لا تتكلم؟» فقالوا: حجَّت مصمتة، فقال لها: «تكلّمِي؛ فإن هذا