العسقلاني: والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث تطول القراءة تقل الركعات وبالعكس، وبذلك جز الداوودي وغيره.

والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر فكان تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث ونقل عن مالك أنها تسع وثلاثون ويوتر بثلاث وهو المنقول عن عمر بن عبد العزيز وأهل المدينة.

ونقل عن ابن عباس أنها عشرون ركعة في جماعة، ونقل ذلك عن مالك أيضًا، ومال إلى ذلك ابن عبد البر، وقال: الرواية عن مالك أنها إحدى عشرة، وقال شيخ الإسلام له: أن يصليها عشرين كما هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي، وله أن يصليها ستًا وثلاثين كما هو مذهب مالك، وله أن يصلي إحدى عشرة وثلاث عشرة، وكله حسن فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره، وقال الأفضل: يختلف باختلاف المصلين؛ فإن كان فيهم احتمال لطول القيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنفسه في رمضان وغيره فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين؛ فإنه وسط بين العشر والأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ولا يكره شيء من ذلك، ومَن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت لا يُزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ، وقد يَنْشَطُ العبد فيكون الأفضل في حقه تطويل العبادة، وقد لا ينشط فيكون الأفضل في حقه تخفيفها.

وقال: وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجل مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله؛ فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن، وفيه كان جبريل يدارس النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015