قال ابن القيم –رحمه الله-: والأصل في الحمية قوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فحمى المريض من استعمال الماء؛ لأنه يضره.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أم المنذر بنت قيس الأنصارية قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلى ناقه من مرض ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها وقام علي يأكل منها، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: «إنك ناقه حتى كف» ، قالت: وصنعت شعيرًا وسلقًا فجئت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: «من هذا أصب؛ فإنه أنفع لك» » ، وفي لفظ: «من هذا أصب؛ فإنه أوفق لك» اهـ.
ويحرم التداوي بمحرم أكلاً وشربًا وبصوت ملهاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتداووا بالحرام» الحديث وتقدم، وتحرم التميمة وهي العوذة أو الخرزة تعلق لنهي الشارع ودعائه على فاعله، وقال: «لا يزيدك إلا وهنًا، انبذها عنك، ولو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا» .
روي ذلك عن أحمد وغيره والإسناد حسن ويكره الأنين؛ لأنه يترجم عن الشكوى، ولما روي عن عطاء أنه كرهه، ويستحب للمريض أن يصبر وكذا كل مبتلى للأمر به في قوله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} ، وقوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والصبر ضياء، والصبر الجميل صبر بلا شكوى، والشكوى إلى الخالق لا تنافيه، بل هي مطلوبة ومن الشكوى إلى الله قول أيوب: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) ، وقول يعقوب: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) » .
قال سفيان بن عيينة: وكذلك من شكا إلى الناس وهو في شكواه راض