العامل وإن زرع الغاصب الأرض المغصوبة ثم ردها وقد حصد زرعه، فليس لرب الأرض بعد حصد الزرع إلا الأجرة، وهي أجرة المثل عن الأرض إلى تسليم الغاصب؛ لأنه استوفى نفعها فوجب عليه عوضه كما لو استوفاها بالإجارة؛ ولأن المنفعة مال فوجب أن تضمن كالعين، وعليه ضمان النقص إن نقصت كسائر المغصوب ولو لم يزرع الغاصب الأرض فنقصت لترك الزراعة كأراضي البصرة أو نقصت لغير ذلك ضمن نقصها لحصوله بيده العادية.
وإن أدرك الأرض ربها والزرع قائم، فليس له إجبار الغاصب على قلعه؛ لما روى رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه؛ ولأنه أمكن رد المغصوب إلى مالكه من غير إتلاف مال الغاصب على قرب من الزمن فلم يجز إتلافه كما لو غصب سفينة فحمل فيها متاعه وأدخلها لجة البحر لا يجبر على إلقائه، فكذا هنا صيانة للمال عن التلف وفارق الشجر لطول مدته، وحديث: «ليس لعرق ظالم حق» محمول عليه؛ لأن حديثنا في الزرع فيحصل الجمع بينهما.
ويخير مالك قبل حصاده ولو كان مالك منفعة الأرض بإجارة ونحوها بين ترك الزرع إلى الحصاد بأجرة مثله وأرش نقصها إن نقصت أو تملك الزرع بنفقته؛ لأن كل واحد منهما يحصل به غرضه فملك الخيرة بينهما تحصيلاً لغرضه، وهي مثل البذر وعوض لواحقه من حرث وسقي وغيرهما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق: «وله نفقته ولو كان عمل الحرث» ونحوه بنفسه؛ لأن العمل متقوم استهلك لمصلحة الزرع فوجب رد عوضه كما لو استأجر من عمله؛ ولأن في كل من بقيته بأجرته وتملكه بنفقته تحصيلاً لغرض رب الأرض فملك الخيرة بينهما، وحيث اختار المالك أخذ الزرع