وأما القابض فلقبضه مال غيره بغير إذنه، فإن ضمن المستعير رجع على المعير بما غرم؛ لأنه غره ما لم يكن المستعير عالمًا بالحال فيستقر عليه الضمان؛ لأنه دخل على بصيرة وإن ضمن المالك المعير لم يرجع بالأجرة على أحد إن لم يكن المستعير عالمًا وإلا رجع عليه.

وإن دفع إليه الدابة أو غيرها من الأعيان المنتفع بها مع بقائها ثم اختلف المالك والقابض، فقال المالك: أجرتك، وقال القابض: بل أعرتني، وكان ذلك الإختلاف قبل مضي مدة من القبض لها أجرة، فقول قابض بيمينه إن لم يستأجرها؛ لأن الأصل عدم الإجارة وترد إلى مالكها، وإن كان الاختلاف بعد مدة لها أجرة، فالقول قول مالك فيما مضى من المدة فقط مع يمينه لاختلافهما في كيفية انتقال المنافع إلى ملك القابض فقدم قول المالك، كما لو اختلفا في عين فادعى المالك بيعها والآخر هبتها إذ المنافع تجري مجرى الأعيان، ولو اختلفا في الأعيان، فالقول قول المالك، وأما الباقي من المدة فلا يقبل قول المالك فيه؛ لأن الأصل عدم العقد، وإذا حلف المالك فله أجر مثل؛ لأن الإجارة لا تثبت بدعوى المالك بغير بينة، وإنما يستحق بدل المنفعة وهو أجرة المثل، وإن كانت الدابة قد تلفت، وقال المالك: أجرتكها، وقال القابض: أعرتنيها لم يستحق صاحبها المطالبة بقيمتها لإقراره بما يسقط ضمانها وهو الإجارة ولا نظر إلى إقرار المستعير بالعارية؛ لأن المالك رد قوله بإقراره بالإجارة فبطل إقراره، وكذا لو ادعى زارع أرض غيره أنه زرع الأرض عارية، وقال ربها: زرعتها إجارة، فقول مالك وله أجرة المثل، وإن قال القابض للمالك: أعرتني، أو قال له: أجرتني، وقال المالك: بل غصبتني، فإن كان اختلافهما عقب العقد والبهيمة قائمة أخذها مالكها ولا شيء له؛

لأن الأصل عدم الإجارة والعارية ولم يفت منها شيء ليأخذها المالك عوضه وإن كان اختلافهما وقد مضى مدة لها أجرة فقول المالك بيمينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015