يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة» رواه أبو داود، وأشار أحمد إلى الفرق بين العارية والوديعة بأن الوديعة أخذتها اليد والوديعة دفعت إليك، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردًا من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف فكان مضمونًا كالغصب وقاسه في المعنى والشرح على المقبوض على وجه العموم فيضمنها المستعير بقيمة متقوم يوم تلف:
ثم الضمانُ لِلْمُعَارِ يُعرفُ
بما يُساوِي عَيْنَه إذْ تتلفُ
ولأنه حينئذ يتحقق فوات العارية فوجب إعتبار الضمان به إن كانت متقومة، والمراد بيوم التلف وقته ليلًا أو نهارًا ومثل مثليه، كصنجة من نحاس لا صناعة بها استعارها ليزن بها فتلفت فعليه مثل وزنها من نوعها؛ لأنه أقرب إليها في القيمة، ولو شرط نفي ضمانها فيلغوا الشرط ولا يسقط ضمانها؛ لأن كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط كالمقبوض ببيع فالشرط فاسد وكل ما كان أمانة لا يزول عن حكمه بشرط ضمان كالوديعة والرهن أو كان مضمونًا لا يزول عن حكمه بالشرط؛ لأن شرط خلاف مقتضى العقد فاسد، وذكر الحارثي: لا يضمن، وذكره الشيخ تقي الدين –رحمه الله- عن بعض الأصحاب، واختاره ابن القيم في «الهدي» ، وعن أحمد أنه ذكر له ذلك، فقال: المسلمون على شروطهم، فيدل على نفي الضمان بشرطه، فهذه رواية يضمن إن لم يشترط نفي الضمان وعنه يضمن إن شرطه وإلا فلا، اختاره أبو حفص العكبري والشيخ تقي الدين وصاحب «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم؛ لكن لا يضمن موقوفًا على جهة بر كعلي الفقراء وككتب علم وسلاح موقوف على غزاة إذا استعارها لينظر فيها أو ليلبسها عند قتال كفار فتلفت بلا تعد ولا تفريط لم يضمنها المستعير، ولعل وجه عدم