ما يمنع منه الحر، ولا يلزم من تسميته خبيثًا التحريمُ، وقد سمى - صلى الله عليه وسلم - الثوم والبصل خبيثين مع عدم تحريمهما، وإنما كُرِه للحُر تنزيهًا له لدناءة هذه الصناعة، وقال القاضي: إنه لا يحل للحجام أكل أجرته على ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كسب الحجاب خبيث» . وقال ناظم المفردات مشيرًا إلى قول القاضي:

وكَسْبُ حَجَّامٍ فَقُلْ خَبيثُ

سُحْتٌ بذا قد جاءنا الحديث

أكْلًا لِحُرٍ ليس بالمُلَائِمِ

يُطْعَمُ لِلْعَبْدِ ولِلْبَهِائِمِ

يَحْرُمُ نَصًّا جَاءَ قَال القَاضِي

وَعَقْدُها لَيْسَ بعَقْدٍ مَاضِي

وَقَالَهُ قَوْمُ وَقومٌ حَرَّموا

بالعَقْدِ لَا بِغَيْرِهِ اكْرَهْ جَزَمُوا

ومَذْهَبُ الشَّيْخَيْنَ فَاكْرَهْ مُطْلَقًا

وعَقْدُهَا يَصِحُّ فِيمَا حُقّقَا

وكذا أجرة كسح الكنيف أي إخراج ما في المحل المعد لقضاء الحاجة، ويصح الاستئجار لذلك ولشفط البالوعة لدعاء الحاجة إلى ذلك وكراهة أكل الأجرة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كسْبُ الحجام خبيث» ، ونهي الحر عن أكله، فهذا أولى، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلًا حجَّ ثم أتاه، فقال له: إني رجل أكنس فما ترى في مكسبي؟ قال: أي شيء تكنس؟ قال: العَذِرَة، قال: ومنه حججتْ ومنه تزوجت، قال: نعم، قال: أنت خبيثٌ وحجُّك خبيثٌ وما تزوَّجتَ خبيث، أو نحو هذا. ذكره سعيد بن منصور في «سننه» بمعناه؛ ولأن فيه دناءة فكره كالحجامة ويحْرمُ كسْبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015