قضاء مصر إلا الحنفية، وقد أبدى ذكاء غريبا في دراسة فقهه الجديد، فإنه تضلع فيه، واستمكن في وجيز من الزمن.
وفي أول أبريل سنة 1810م عين مفتشا عاما بالمحاكم الشرعية، وطاف بمحاكم البلاد جميعها، وكتب تقريرا مبدعا بين فيه ما شاهده من علل، ونقص وأشار بكثير من ضروب الإصلاح والعلاج الإداري والفقهي، ثم لقي عنتا آثر به الاستقالة في نوفمبر سنة 1912م.
صلته بالشيخ محمد عبده:
وقد نشأ ملازما للشيخ "محمد عبده" متآخيا معه لا يغادر أحدهما الآخر منذ صباه، ولقد ضرب الشيخ "محمد عبده" في أثناء دروسه مثلا يصور به تلازمهما، فقال: "كأن يسأل السائل هل رأيت الشيخ "محمد عبده"؟ فتقول: ولا الشيخ "عبد الكريم سلمان"، وكان بينهما تقارب في الرأي، وتناسب في الفكر وتشابه في الشعور، وكأنهما أراد أن تدوم صلتهما في الآخرة كما دامت في الأولى، فابتنيا قبرا واحد ضم رفاتيهما، فما أبلغ ذلك وفاء.
لازم الشيخ "عبد الكريم" صديقه الإمام أكثر من عشر سنين بذلا فيها جهودا موفقة في خدمة الأزهر، وإصلاح شئونه, وكثيرا ما عاون الشيخ "عبد الكريم" زميله الإمام في مشروعاته المثمرة، وعاضده في أنجاحها على رغم ما يدبر له من كيد أعدائه، وأعداء الإصلاح، حتى أنجز في ظلالهما ورعايتهما للأزهر إصلاح واسع الأفق، فصله "الشيخ عبد الكريم" في كتابه الذي سماه "أعمال مجلس إدارة الأزهر"، وقد طبعه المرحوم "السيد رشيد رضا" مجردا من اسم صاحبه لما حواه من حقائق تتصل بالخديو إذ ذاك، ولما قدم الإمام استقالته من مجلس إدارة الأزهر قدم هو الآخر استقالته في الأسبوع نفسه1، ومما قاله الإمام في تقديره: "وأكننته كنى فأدنيته منى، وجعلته