...
تأثر الأزهر بإنشاء دار الحكمة:
أنشأ الحاكم بأمر الله ولد العزيز بالله دار الحكمة الفاطمية, أو دار العلم الشهيرة, في العاشر من جمادى الآخرة سنة 395هـ-مارس سنة 1905م, أي: بعد ما يقرب من خمسمائة وثلاثين عامًا من قيام الأزهر.
ومن قبل إنشائها كانت تعقد بالقصر حينًا, وبالأزهر حينًا, مجالس تسمى: "مجالس الحكمة" ينظمها قاضي القضاة, ويقرأ فيها علوم آل البيت, بمشهد من الناس, وقد يخصص جانب منها للخاصَّة, وآخر للعامة, وثالث للنساء, ولكن الحاكم أراد أن تكون هذه المجالس أوسع أفقًا, وأبلغ أثرًا, وأن تنظم في عقد واحد حلقات دينية وعلمية متصلة, يجمعها معهد رسميٌّ واحدٌ؛ فأنشئت هذه الدار مشتملة على حلقات دينية وعلمية وأدبية.
وقد شغلت هذه الدار بناءً خاصًّا متاخمًا للقصر الصغير, بجوار "باب التبانين" تعرف "بدار مختار الصقلي" وقُسِّمَتْ إلى عدة مجالس؛ لعلوم القرآن, والفقه, وعلوم اللغة, والطب, والرياضة, والفلك, والتنجيم, وغيرها. وعُيِّنَ لها أقطاب الأساتذة في كل فَنٍّ, واحتفل بتأثيثها وزخرفتها, وحمل إليها من خزائن القصر أسفارٌ في شتى العلوم, وخصص للإنفاق عليها, وعلى أساتذتها, وموظفيها, أموال ضخمة, كما خصها الحاكم بجزء كبير من ريع أملاكه الموقوفة على بعض