الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإلى النفوس التي ترفض الظلم وتأبى الاستكانة والخضوع، إلى القلوب الحية التي تعلقت بحب المسجد الأقصى، نهدي هذا الأسبوع أسبوع الأقصى، إنها رسالة واضحة جلية لإيصال صوت الأقصى السليب إلى المسلمين جميعاً من حيث إبراز مكانة القدس والمسجد الأقصى في الدين الإسلامي، وللتأكيد على إسلامية أرض الأقصى، وتعزيز التمسك بها، ولتوجيه جهود المسلمين لدحض وإبطال مزاعم وادعاءات اليهود، وبيان طمسهم للحقائق وتشويههم للتاريخ، سائلين الله تعالى أن يكون هذا الأسبوع حافزاً لنا للبحث والعمل في سبيل تحرير بيت المقدس وكل جزء من أكناف بيت المقدس من مخالب أحفاد القردة والخنازير.
والخير موجود في أمتنا إلى يوم القيامة، وما أصابنا من احتلال اليهود للمسجد الأقصى وأرض فلسطين ليس وضعاً دائماً، بل ستعود الديار المباركة بإذن الله تعالى للإسلام والمسلمين، لكن بأيدي رجال مسلمين أشداء، كما حررها صلاح الدين، وما ذلك على الله بعزيز، فكم سقطت من أراضٍ للمسلمين في أيدي المغتصبين ثم استطاع المسلمون بفضل الله وعونه ونصره استردادها، فعادت في دائرة المسلمين بعد أن عادوا إلى الإسلام وتعاليمه، وتطبيق أحكامه، وشرعه ورفع راية الجهاد.
والمركز الإسلامي العام يتشرف في هذا الأسبوع وكذا مسجد العزيز بالله بأن يدعو جميع المسلمين حكاماً ومحكومين للعمل من أجل نصرة المسجد الأقصى السليب؛ ليبقى حياً في قلوبنا ونفوسنا ونفوس أبنائنا وأجيالنا، فهو مسئولية كل مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ونسأله تعالى أن يقر أعيننا بصلاة في المسجد الأقصى وهو محرر من اليهود الحاقدين أعداء الإسلام والمسلمين، وما ذلك على الله بعزيز.
هذا وتوصيات هذا المؤتمر المبارك تتلخص في نقاط، هي: أولاً: تحصيل العلم النافع الشرعي والكوني الذي يستخدم في تعمير الأرض مع العودة إلى الله عز وجل، والاستسلام له بالكلية، امتثالاً لأمره تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:208].
ثانياً: إحياء الفرائض خاصة فريضة الجهاد في سبيل الله؛ لأن الله تعالى علمنا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [الصف:10 - 11].
وقال صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزى)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق).
وقال صلى الله عليه وسلم: (نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعل رزقي تحت ظل رمحي).
ثالثاً: الإيجابية في مواجهة تحديات العصر، وأن يضع كل فرد من أفراد هذه الأمة اعتباره أن نصرة دينه ونصرة أمته وتحرير القدس فريضة في رقبته، قال الله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:84]، مع العلم بأن مواجهة التحديات تستلزم جهداً جماعياً، وجهداً فردياً، ولهذا فإن وحدة الأمة فريضة؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]، ووحدة الأمة تستلزم جهداً جهيداً من كل أبنائها.
رابعاً: حماية الأسرة من التيارات الإعلامية التي تدمر الأخلاق وتشيع الفاحشة في أرجاء الوطن الإسلامي، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6].
خامساً: إطلاق حرية المسجد، وإطلاق حرية الدعاة إلى الله عز وجل، وحشد الطاقات، وتسريح السجناء من الموحدين، واستخدام طاقات الأمة في جميع الميادين لمواجهة الغزو الصهيوني الاستعماري المعاصر لديارنا.
سادساً: تعبئة الموارد العربية الإسلامية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطعام والسلاح وغير ذلك.
سابعاً: وقف سياسة القروض الربوية من اليهود أبناء القردة والخنازير؛ فهذه القروض أوقعت الأمة في قبضة المصارف اليهودية التي أضحت تهدد استقلال الأمة، إن الله قد حبا العالم الإسلامي بثروات ليست لغيره، ولكنها مهدرة، ولا نحسن الاستفادة منها، بل إن الأعداء هم الذين يستفيدون منها، فلتحذر الأمة الاستمرار ومواصلة العبودية لغيرها.
ثامناً: تحرير الولاء لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين ولديار المسلمين ومقدساتهم، كما يجب تحرير البراء من أعداء الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (