وأخيراً: رؤيا أم النبي صلى الله عليه وسلم قصور الشام عند ولادتها النبي عليه الصلاة والسلام، فإنها وهي تلده رأت قصور الشام، وهذه كرامة لنبينا عليه الصلاة والسلام.
قال الحافظ ابن رجب: ومن بركات الشام الدينية أن نور النبي صلى الله عليه وسلم سطع إليها، والمقصود بنور النبي شرعه الذي جاء به عليه الصلاة والسلام، فأشرقت قصور الشام بنور الوحي الذي أتى مع النبي عليه الصلاة والسلام، فكان ذلك أول مبدأ دخول نوره الشام صلى الله عليه وسلم، ثم دخلها نور دينه وكتابه فأشرقت به وطهرها الله تعالى مما كان فيها من الشرك والمعاصي، ثم كان مهاجره إلى المدينة النبوية، وإن تمام أمره وعمود ملكه سيكون في الشام حيث رأت أمه قصور الشام.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! ما كان أول بدء أمرك؟ فقال النبي: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام).
وعن العرباض بن سارية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمجندل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام).
وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله وسلامه عليهن، قال الحافظ ابن كثير: وفي هذا الحديث وغيره بشارة لأهل محلتنا -لأن ابن كثير كان دمشقياً من بصرى- وأنها أول بقعة من أرض الشام خلص إليها نور النبوة، قبل أن يظهر في مكة والمدينة ظهر في الشام عند ولادته عليه الصلاة والسلام، قال: وأنها أول بقعة من أرض الشام خلص -يعني: ذهب- إليها وظهر فيها نور النبوة ولله الحمد والمنة، ولهذا كانت أول مدينة فتحت من أرض الشام، وكان فتحها صلحاً في خلافة أبي بكر.