ولقرب وقوع يوم القيامة وتحققه؛ جعله - سبحانه - كغد؛ قال تعالى: {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} 1، والغد هو ما بعد يومك، وقال تعالى: {إنهم يرونه بعيدًا ونراه قريبا} 2.
وروى الترمذي وصححه من حديث أنس مرفوعا: "بعثت أما والساعة كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى.
وفي (الصحيحين) عن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا: "إنما أجلكم فيمن قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس"، وفي لفظ: "إنما بقاؤكم فيما قبلكم من الأمم ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس".
ولما كان أمر الساعة شديدًا؛ كان الاهتمام بشأنها أكثر من غيرها، ولهذا أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من بيان أشراطها وأماراتها، وأخبر عما يأتي بين يديها من الفتن، ونبه أمته وحذرهم؛ ليتأهبوا لذلك.
وأما وقت مجيئها؛ فهو مما انفرد - الله تعالى - بعلمه وأخفاه عن العباد لأجل مصلحتهم؛ ليكونوا على استعداد دائما؛ كما أخفى - سبحانه عن كل نفس وقت حلول أجلها؛ لتكون دائما على أهبة الاستعداد والانتظار، ولا تتكاسل عن العمل.
قال العلامة السفاريني: "ثم اعلم أن أشراط الساعة وأماراتها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم ظهر وانقضى، وهو الأمارات البعيدة. وقسم ظهر ولم ينقض، بل لا يزال في زيادة. والقسم الثالث: الأمارات الكبيرة التي تعقبها الساعة، وهي تتتابع كنظام خرزات انقطع سلكها".
فالأولى: "أعني التي ظهرت ومضت وانقضت":
منها: بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وموته، وفتح بيت المقدس.