فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 1؛ فذكر أمرين:

أحدهما: قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} ؛ يقول: إذا لم تفعلوا؛ فقد علمتم أنه حق؛ فخافوا أن تكذبون فيحيق بكم العذاب الذي وعدته للمكذبين.

والثاني: قوله: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} ، و (لن) لنفي المستقبل، فثبت أنهم فيما يستقبل من الزمان لا يأتون بسورة من مثله، كما أخبر بذلك.

وأمر الله تعالى: نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول في سورة (سبحان) ، وهي مكية، افتتحها بذكر الإسراء، وهو كان بمكة بنص القرآن والخبر المتواتر: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} 2؛ أمره أن يخبر بالخبر جميع الخلق؛ معجزاً لهم، قاطعا بأنهم إذا اجتمعوا كلهم لا يأتون بمثل هذا القرآن لو تظاهروا عليه وتعاونوا على ذلك، وهذا التحدي لجميع الخلق، وقد سمعه كل من سمع القرآن وعرفه؛ الخاص والعام، وعلم من ذلك أنهم لم يعارضوه، ولا أتوا بسورة من مثله، ومن حين بعث صلى الله عليه وسلم إلى اليوم والأمر على ذلك، مع ما علم من أن الخلق كانوا كلهم كفارًا قبل أن يبعث، ولما بعث إنما تبعه قليل، وكان الكفار من أحرص الناس على إبطال قوله، مجتهدين بكل طريق ممكن؛ تارة يذهبون إلى أهل الكتاب فيسألونهم عن أمور من الغيب حتى يسألوه عنها؛ كما سألوه عن قصة يوسف وأهل الكهف وذي القرنين، ويجتمعون في مجمع بعد مجمع؛ ليتفقوا على ما يقولونه فيه، وصاروا يضربون له الأمثال؛ فيشبهونه بمن ليس بمثله، مع ظهور الفرق؛ فتارة يقولون: مجنون، وتارة: ساحر وكاهن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015