العضال القبيح، وخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله؛ فطاشت عقول الأطباء، وأذعنوا أن ذلك من عند الله - عز وجل - ولما كانت العرب أرباب الفصاحة والبلاغة وفرسان الكلام والخطابة؛ جعل الله - سبحانه - معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 1، وهو المعجزة الباقية الخالدة على مر العصور؛ فقد اختار الله هذه المعجزة الباهرة لخاتمة الرسالات السماوية العامة للناس أجمعين.
فالقرآن معجزة يطلع عليها الأجيال في كل زمان ويتلونه، فيعلمون أنه كلام الله حقا، وليس كلام البشر، وقد تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه، أو بسورة منه؛ فما استطاع أحد منهم منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا؛ وإلى الأبد، أن يأتي أحد بكتاب مثله، أو بمثل سورة منه، على الرغم من وجود أعداء كثيرين للرسول صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام في عصور التاريخ.
قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 2؛ فالتحدي لا يزال قائما إلى قيام الساعة في قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} .
وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} 3.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا التحدي كان بمكة؛ فإن سورة يونس وهود والطور من المكي، ثم أعاد التحدي في المدينة بعد الهجرة؛ فقال في سورة البقرة (23 - 24) ، وهي مدنية: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا