ويعرف خطابها، ويعلم التشبيه: أن هذا الوجه شبيه بذاك الوجه، هل ها هنا أيها العقلاء تشبيه وجه ربنا جل ثناؤه الذي هو كما وصفنا وبينَّا صفته من الكتاب والسنة بتشبيه وجوه بني آدم التي ذكرناها ووصفناها ... ولو كان تشبيها من علمائنا؛ لكان كل قائل: إن لبني آدم وجها، وللخنازير والقردة والسباع والحمير والبغال والحيات والعقارب وجوها، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب وغيرها مما ذكرت، ولست أحسب أن أعقل الجهمية المعطلة عند نفسه لو قال له أكرم الناس عليه: وجهك يسبه وجه الخنزير والقرد والكلب والحمار والبغل ونحو هذا؛ إلا غضب ... ".
إلى قال - رحمه الله -: "فإذا كان ما ذكرنا على ما وصفنا؛ ثبت عند العقلاء وأهل التمييز أن من رمى أهل الآثار القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم بالتشبيه؛ فقد قال الباطل والكذب والزور والبهتان، وخالف الكتاب والسنة، وخرج عن لسان العرب ... ".
إلى أن قال - رحمه الله -: " والمعطلة من الجهمية تنكر كل صفة لله، وصف بها نفسه في محكم تنزيله، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لجهلهم بالعلم، وذلك أنهم وجدوا في القرآن أن الله قد أسماءً صفاته على بعض خلقه، فتوهموا لجهلهم بالعلم أن من وصف الله بتلك الصفة التي وصف الله بها نفسه قد شبهه بخلقه.
فاسمعوا يا ذوي الحجا ما أبيَّنُ من جهل هؤلاء المعطلة:
أقول: وجدت الله وصف نفسه في غير موضع من كتابه، فأعلم عباده المؤمنين أنه سميع بصير، فقال: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 1، وذكر عزَّ وجلَّ الإنسان، فقال: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} 2.
وأعلمنا جلَّ وعلا أنه يرى، فقال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ