بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 1.
قال الإمام ابن جرير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية الكريمة: (يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ} يا محمد. {هَذِهِ} الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته. {سَبِيلِي} وطريقتي ودعوتي {أَدْعُو إِلَى الله} تعالى وحده لا شريك له. {عَلَى بَصِيرَةٍ} بذلك ويقين علم مني. {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ؛ أي: ويدعو إليه على بصيرة - أيضا - من اتبعني وصدقني وآمن بي. {وَسُبْحَانَ الله} ؛ يقول له تعالى ذكره: وقل تنزيها لله تعالى وتعظيما له من أن يكون له شريك في ملكه أو معبود سواه في سلطانه. {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ؛ يقول: "وأنا بري من أهل الشرك به، لست منهم، ولا مني" انتهى كلام ابن جرير.
فالآية الكريمة تدل على أهمية معرفة العقيدة الإسلامية والدعوة إليها، وأن أتباع الرسول (هم من اقتدى به في ذلك، واتصف بالصفتين؛ العلم بالعقيدة والدعوة إليها، وأن من لم يتعلم أحكام العقيدة ويهتم بها ويدع إليها؛ فليس من أتباع الرسول على الحقيقة، وإن كان من أتباعه على سبيل الانتساب والدعوى.
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في معنى قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 2
"ذكر سبحانه مراتب الدعوة، وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو: فإنه إما أن يكون طالبا للحق، مؤثرًا له على غيره إذا عرفه؛ فهذا يدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال. وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق، لكن لو عرفه؛ آثره واتبعه؛ فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب.