وَمِمَّا أَحَلَّ لَهُمْ وَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَأَمَرَنَا بِكَذَا، وَنَهَانَا عَنْ كَذَا، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدِلُّ عَلَى هَذَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [سورة: التوبة، آية رقم: 122] ، فَدَلَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْوُفُودِ فَأَسْلَمُوا وَتَعَلَّمُوا حَثَّهُمْ عَلَى حِفْظِ السُّنَنِ الَّتِي قَدْ عَلَّمَهُمْ إِذْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ حِفْظُهَا لِلْوَقْتِ حَتَّى يَمْضُوا بِهَا إِلَى أَهْلِيهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ فَيُعَلِّمُونَهُمْ مَا عَلَّمَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْرُبُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهَا إِذَا كَانَتْ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا يُمْكِنُهُمْ حِفْظُهَا، فَحَثَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لَا أَنَّ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مُجَزَّئَةً عَنْ غَيْرِهَا مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْهُ لَهُمْ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» ،