تحرّك لَهُ وَهَذَا الْبَيْت فاسمعه
(أضحى إِمَام الْهدى الْمَأْمُون مشتغلا ... بِالدّينِ وَالنَّاس بالدنيا مشاغيل)
فَقلت لَهُ مَا زِدْته على أَن جعلته عجوزا فِي مِحْرَابهَا فِي يَدهَا مسبحة فَمن يقوم بِأَمْر الدُّنْيَا إِذا كَانَ مَشْغُولًا عَنْهَا وَهُوَ المطوق لَهَا إِلَّا قلت كَمَا قَالَ عمك جرير لعبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد
(فَلَا هُوَ فِي الدُّنْيَا مضيع نصِيبه ... وَلَا عرض الدُّنْيَا عَن الدّين شاغله)
قَالَ مؤلف الْكتاب وبلغنا أَن حسنا اللؤْلُؤِي كَانَ يحدث الْمَأْمُون والمأمون يَوْمئِذٍ أَمِير فنعس الْمَأْمُون فَقَالَ لَهُ اللؤْلُؤِي نمت أَيهَا الْأَمِير فَاسْتَيْقَظَ الْمَأْمُون وَقَالَ سوقى وَالله يَا غُلَام خُذ بِيَدِهِ قَالَ مؤلف الْكتاب قلت وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن هَؤُلَاءِ إِنَّمَا يُرِيدُونَ الحَدِيث ليناموا عَلَيْهِ فَكَانَ إيقاظه غَفلَة عَمَّا يُرَاد من الحَدِيث وَسُوء أدب وَمن الْمَنْقُول عَن المعتضد بِاللَّه عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن حمدون قَالَ لي المعتضد بِاللَّه لَيْلَة وَقد قدم لَهُ عشَاء لقمني وَكَانَ الَّذِي قدم لَهُ فراريج ودراريج فلقمته من صدر فروج فَقَالَ لَا لقمني من فَخذه فلقمته لقماً ثمَّ قَالَ هَات من الدراريج فلقمته من أفخاذها فَقَالَ وَيلك هوذا نتنادر عَليّ هَات من صدورها فَقلت يَا مولَايَ ركبت الْقيَاس فَضَحِك فَقلت إِلَى كم أضْحكك وَلَا تضحكني قَالَ فشل المطرح وَخذ مَا تَحْتَهُ قَالَ فشلته فَإِذا دِينَار وَاحِد فَقلت آخذها قَالَ نعم فَقلت بِاللَّه هوذا تتنادر أَنْت السَّاعَة على خَليفَة يُجِيز نديمه بِدِينَار فَقَالَ وَيلك لَا أجد لَك فِي بَيت المَال حَقًا أَكثر من هَذَا وَلَا تسمح نَفسِي أَن أُعْطِيك من مَالِي شيا وَلَكِن هوذا احتال لَك بحيلة تَأْخُذ فِيهَا خَمْسَة آلَاف دِينَار فَقبلت يَده فَقَالَ إِذا كَانَ غَد وَجَاءَنِي الْقَاسِم يَعْنِي ابْن عبيد الله فهوذا إسارك خبر تقع عَيْني عَلَيْهِ سراراً طَويلا الْتفت