أَن الهدهد قَالَ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أُرِيد أَن تكون فِي ضيافتي قَالَ سُلَيْمَان أَنا وحدي قَالَ لَا بل الْعَسْكَر كُله فِي جَزِيرَة كَذَا فِي يَوْم كَذَا فَمضى سُلَيْمَان إِلَى هُنَاكَ فَصَعدَ الهدهد إِلَى الجو فصاد جَرَادَة وخنقها وَرمى بهَا فِي الْبَحْر وَقَالَ يَا نَبِي الله إِن كَانَ اللَّحْم قَلِيلا فالمرق كثير فَكُلُوا من فَاتَهُ اللَّحْم ناله المرق فَضَحِك سُلَيْمَان وَجُنُوده من ذَلِك حولا كَامِلا
قلت من أَحْوَال الْحَيَوَان البهيم وأفعاله الدَّالَّة على الفطنة أَن العصافير لَا تقيم إِلَّا فِي دَار مسكونة فَإِن هجرها النَّاس لم تقم وَأما الْهِرَّة فَإِنَّهَا تألف الدَّار وَإِن رَحل أَهلهَا وَالْكَلب يرحل مَعَ أهل الدَّار وَلَا يلْتَفت إِلَى الدَّار وَمَتى طرقت العصافير آفَة استغاثت فأغاثها كل عُصْفُور يسمع حَتَّى أَنه قد يَقع فرخها فيستغيث فَلَا يلقى عُصْفُور يسمع إِلَّا جَاءَ فيطيرون حول الفرخ ويحركونه بأفعالهم فيحدثون لَهُ بذلك قُوَّة وحركة حَتَّى يطير مَعَهم قَالَ بعض الصيادين رُبمَا رَأَيْت العصفور على حَائِط فأومي بيَدي إِلَى الأَرْض كأنني أتناول شَيْئا فَلَا يَتَحَرَّك فَإِن مسست بيَدي حَصَاة طَار قبل أَن تتمكن مِنْهَا يَدي
الْحمام إِذا علم الذّكر أَن الْأُنْثَى قد حملت اشْتغل هُوَ وَهِي بِعَمَل العش وأشخصا لَهَا حروفاً تحفظ الْبيض ثمَّ سخناها ونفيا عَنْهَا طباعها وأحدثا لَهَا طبيعة أُخْرَى مستخرجة من رَائِحَة أبدانها ثمَّ يقلبان الْبيض فِي الْأَيَّام فتأخذ الْبَيْضَة نصِيبهَا من الحضن وساعات الحضن أَكْثَرهَا على الْأُنْثَى كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تكفل الْحَضَانَة فَإِذا صَار الْبيض فراخاً كَانَ أَكثر الزق على الذّكر وَمَتى انصدع الْبيض علما أَن حواصل الْفِرَاخ لَا تتسع للغذاء فينفخان الرّيح فِي حلوقهما لتنتفخ الحوصلة وتتسع ثمَّ يعلمَانِ أَنه لَا يصلح أَن يزق الطَّعَام فيزقان اللعاب الْمُخْتَلط بقواهما وقوى الطَّعَام