عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أخي الْأَصْمَعِي عَن عَمه قَالَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك يَوْمًا وَالشعرَاء عِنْده قد قلت نصف بَيت فأجيزوه
قَالَ
يروح إِذا راحوا ويغدوا إِذا غدوا فَلم يصنعوا شَيْئا فَدخل إِلَى جَارِيَة لَهُ فَأَخْبرهَا فَقَالَت كَيفَ قلت فأنشدها فَقَالَت وَعَما قَلِيل لَا يروح وَلَا يَغْدُو
قَالَ الْأَصْمَعِي كنت عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد إِذْ دخل رجل وَمَعَهُ جَارِيَة للْبيع فتأملها الرشيد ثمَّ قَالَ خُذ جاريتك فلولا كلف فِي وَجههَا وخنس فِي أنفها لاشتريتها فَانْطَلق بهَا فَلَمَّا بلغت السّتْر قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ارددني إِلَيْك أنْشدك بَيْتَيْنِ حضراني فَردهَا فأنشأت تَقول
(مَا سلم الظبي على حسنه ... كلا وَلَا الْبَدْر الَّذِي يُوصف)
(الظبي فِيهِ خنس بَين ... والبدر فِيهِ كلف يعرف)
فَأَعْجَبتهُ بلاغتها فاشتراها وَقرب منزلهَا وَكَانَت أحظى جواريه عِنْده
قَالَ الجاحظ رَأَيْت بالعسكر امْرَأَة طَوِيلَة الْقَامَة جدا وَنحن على طَعَام فَأَرَدْت أَن أمازحها فَقلت انزلي حَتَّى تأكلي مَعنا قَالَت وَأَنت فاصعد حَتَّى ترى الدُّنْيَا قَالَ الجاحظ أَيْضا رَأَيْت امْرَأَة جميلَة فَقلت مَا اسْمك قَالَت مَكَّة فَقلت أَتَأْذَنِينَ لي أَن أقبل الْحجر الْأسود مِنْك قَالَت لَا إِلَّا بالزاد وَالرَّاحِلَة قَالَ مؤلف الْكتاب وَقد رويت لنا هَذِه الْحِكَايَة على وَجه آخر قَالَ الجاحظ رَأَيْت جَارِيَة بسوق النخاسين بِبَغْدَاد يُنَادي عَلَيْهَا وعَلى خدها خَال فدعوت بهَا وَجعلت أقلبها فَقلت لَهَا مَا اسْمك قَالَت مَكَّة فَقلت الله أكبر قرب الْحَج أَتَأْذَنِينَ أقبل الْحجر الْأسود قَالَت لَهُ إِلَيْك عني ألم تسمع قَول الله تَعَالَى {لم تَكُونُوا بالغيه إِلَّا بشق الْأَنْفس}