الاذكياء (صفحة 208)

اسحق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي حَدثنِي أَبُو المشيع قَالَ خرج كثير يلْتَمس عزة وَمَعَهُ شنينة فِيهَا مَاء فَأَخذه الْعَطش فَتَنَاول الشنينة فَإِذا هِيَ عظم مَا فِيهَا شَيْء من المَاء فَرفعت لَهُ نَار فأمها فَإِذا بقربها مظلة بفنائها عَجُوز فَقَالَت لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا كثير قَالَت قد كنت أَتَمَنَّى ملاقاتك فَالْحَمْد لله الَّذِي أرانيك قَالَ وَمَا الَّذِي تلتمسينه مني قَالَت أَلَسْت الْقَائِل

(إِذا مَا أَتَيْنَا خله كي نزيلها ... أَبينَا وَقُلْنَا الحاجبية أول)

(سنوليك عرفا إِن أردْت وصالنا ... وَنحن لتِلْك الحاجبية أوصل)

قَالَ بلَى قَالَت أَفلا قلت كَمَا قَالَ سيدك جميل

(يَا رب عارضة علينا وَصلهَا ... بالجد تخلطه بقول الهازل)

(فأجبتها فِي القَوْل بعد تَأمل ... حبي بثينة عَن وصالك شاغلي)

(لَو كَانَ فِي قلبِي كَقدْر قلامة ... فضلا لغيرك مَا أتتك رسائلي)

قلت دعِي هَذَا واسقيني قَالَت وَالله لَا أسقيك شَيْئا قلت وَيحك أَن الْعَطش قد أضرّ بِي قَالَت ثكلت بثينة إِن طعمت إِن عِنْدِي قَطْرَة مَاء فَكَانَ جهده أَن ركض رَاحِلَته وَمضى يطْلب المَاء فَمَا بلغه حَتَّى أضحى النَّهَار وَكَاد يقْتله الْعَطش قَالَ دخل ذُو الرمة الْكُوفَة فَبينا هُوَ يسير فِي شوارعها على نجيب لَهُ إِذْ رأى جَارِيَة سَوْدَاء واقفة على بَاب دَار فاستحسنها وَوَقعت بِقَلْبِه فَدَنَا إِلَيْهَا فَقَالَ يَا جَارِيَة اسْقِنِي مَاء فأخرجت إِلَيْهِ كوزاً فَشرب فَأَرَادَ أَن يمازحها ويستدعي كَلَامهَا فَقَالَ يَا جَارِيَة مَا أحر ماءك فَقلت لَو شِئْت لأقبلت على عُيُوب شعرك وَتركت حر مائي وبرده فَقَالَ لَهَا وَأي شعري لَهُ عيب فَقَالَت أَلَسْت ذَا الرمة قَالَ بلَى قَالَت

(فَأَنت الَّذِي شبهت عَنْزًا بقفرة ... لَهَا ذَنْب فَوق استها أم سَالم)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015