من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَمَعَهُ أَبُو بكر حمل أَبُو بكر مَعَه جَمِيع مَاله خَمْسَة آلَاف أَو سِتَّة آلَاف دِرْهَم فَأَتَانِي جدي أَبُو قُحَافَة وَقد ذهب بَصَره فَقَالَ أرى هَذَا وَالله قد فجعكم بِمَا لَهُ مَعَ نَفسه فَقلت كلا يَا أَبَت قد ترك لنا خيرا كثيرا فعمدت إِلَى أَحْجَار جعلهَا فِي كوَّة الْبَيْت كَانَ أَبُو بكر يحصل مَاله فِيهَا وغطيت على الْأَحْجَار بِثَوْب ثمَّ جِئْت بِهِ فَأخذت بِيَدِهِ ووضعتها على الثَّوْب وَقلت ترك لنا هَذَا فَجعل يجد مس الْحِجَارَة من وَرَاء الثَّوْب فَقَالَ أما إِذا ترك لكم هَذَا فَنعم وَلَا وَالله مَا ترك لنا قَلِيلا وَلَا كثيرا
قَالَ الْأَصْمَعِي أَتَت امْرَأَة حَاتِم بن عبد الله ابْن أبي بكرَة فَقَالَت لَهُ أَتَيْتُك من بِلَاد شاسعة ترفعني رَافِعَة وتخفضني خافضة لممات من الْأُمُور حللن بِي فبرين لحمي ووهن عظمي وتركتني والهة كالحريض قد ضَاقَ بِي الْبَلَد العريض هلك الْوَالِد وَغَابَ الْوَافِد وَعدم الطارف والتالد فَسَأَلت فِي حَيَاء الْعَرَب عَن المرجو سَببه الْمَحْمُود نائله الْكَرِيم شمائله فدللت عَلَيْك وَأَنا امْرَأَة من هوَازن فافعل بِي أحد ثَلَاث إِمَّا أَن تقيم أودي وَإِمَّا أَن تحسن صفدي وَإِمَّا أَن تردني إِلَى بلدي فَقَالَ بل أجمعهن إِلَيْك وحباً وكرامة
قَالَ الْأَصْمَعِي مَاتَ ابْن لأعرابية فَمَا زَالَت تبْكي حَتَّى خدد الدمع خدها ثمَّ استرجعت فَقَالَت اللَّهُمَّ إِنَّك قد علمت فرط حب الْوَالِدين لولدها فَلذَلِك لم تأمرهما ببره وَعرفت قدر عقوق الْوَلَد لوَالِديهِ فَمن أجل ذَلِك حضضته على طاعتها اللَّهُمَّ إِن وَلَدي كَانَ من الْبَار بِوَالِديهِ على مَا يكون الْوَالِدَان بولدهما فأجزه مني بذلك صَلَاة وَرَحْمَة ولقه سُرُورًا ونضرة فَقَالَ لَهَا أَعْرَابِي نعم مَا دَعَوْت لَهُ لَوْلَا أَنَّك شبته من الْجزع بِمَا لَا يجدي فَقَالَت إِذا وَقعت الضرورات لم يجر عَلَيْهَا حكم