فَقَالَ بعض مَا تسجل بِهِ الفطنة وينبه من الْغَفْلَة وَيُؤْنس من الوحشة فَقَالَ الْمَأْمُون الْحَمد لله الَّذِي رَزَقَنِي من وَلَدي من ينظر بِعَين عقله أَكثر مَا ينظر بِعَين جِسْمه وسنه قَالَ الفرزدق لغلام حدث أَيَسُرُّك إِنِّي أَبوك قَالَ لَا وَلَكِن أُمِّي ليصيب أبي من أطايبك
قعد صبي مَعَ قوم يَأْكُلُون فَبكى قَالُوا مَالك تبْكي قَالَ الطَّعَام حَار قَالُوا فَدَعْهُ حَتَّى يبرد قَالَ أَنْتُم لَا تَدعُونَهُ
قَالَ الْأَصْمَعِي قلت لغلام حدث السن من أَوْلَاد الْعَرَب أَيَسُرُّك أَن يكون لَك مائَة ألف دِرْهَم وَإنَّك أَحمَق فَقَالَ لَا وَالله قلت وَلم قَالَ أَخَاف أَن يجني على حمقي جِنَايَة تذْهب مَالِي وَيبقى على حمقي بلغنَا أَن صَبيا لَقِي رجلا عَاقِلا فَقَالَ لَهُ إِلَى أَيْن تمْضِي فَقَالَ إِلَى المطبق قَالَ أوسع خطوتك ادخل على الرشيد صبي لَهُ أَربع سِنِين فَقَالَ لَهُ مَا تحب أَن أهب لَك قَالَ حسن رَأْيك
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ كَانَ عندنَا رجل من جُهَيْنَة يكنى أَبَا نصر قد ذهب عقله فَقلت لَهُ يَوْمًا مَا السخاء قَالَ جهد مقل قلت فَمَا الْخلّ قَالَ أُفٍّ وحول وَجهه فَقلت أجبني قَالَ قد أَجَبْتُك قَالَ الشبلي رَأَيْت يَوْم الْجُمُعَة معتوهاً عِنْد جَامع الرصافة قَائِما عُرْيَان وَهُوَ يَقُول أَنا مَجْنُون الله أَنا مَجْنُون الله فَقلت لَهُ لم لَا تدخل الْجَامِع وتتوارى وَتصلي فَأَنْشَأَ يَقُول
(يَقُولُونَ زرنا واقضِ وَاجِب حَقنا ... وَقد أسقطت حَالي حُقُوقهم عني)
(إِذا هم رَأَوْا حَالي وَلم يأنفوا لَهَا ... وَلم يأنفوا مِنْهَا أنفت لَهُم مني)