وَكَانَ أَمِيرا على الْبَحْرين قَالَ كُنَّا أغيلمة بِالْمَدِينَةِ فِي أصُول النّخل نلتقط البلح الَّذِي يسمونه الْخلال فَخرج إِلَيْنَا عمر بن الْخطاب فَتفرق الغلمان وَثَبت مَكَاني فَلَمَّا غشيني قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هَذَا مَا أَلْقَت الرّيح قَالَ أَرِنِي أنظر فَإِنَّهُ لَا يخفي عَليّ قَالَ فَنظر فِي حجري فَقَالَ صدقت فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ترى هَؤُلَاءِ الغلمان وَالله لَئِن انْطَلَقت لأغاروا عَليّ فانتزعوا مَا فِي يَدي قَالَ فَمشى معي حَتَّى بَلغنِي مأمني
قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ كنت أؤدب الْمَأْمُون وَهُوَ فِي حجر سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ فَأَتَيْته يَوْمًا وَهُوَ دَاخل فوجهت إِلَيْهِ بعض خُدَّامه يُعلمهُ بمكاني فَأَبْطَأَ عليّ ثمَّ وجهت آخر فَأَبْطَأَ فَقلت لسَعِيد أَن هَذَا الْفَتى رُبمَا تشاغل بالبطالة وَتَأَخر قَالَ أجل وَمَعَ هَذَا إِنَّه إِذا فارقك تعزم على خدمه ولقوا مِنْهُ أَذَى شَدِيدا فقومه بالأدب فَلَمَّا خرج أمرت بِحمْلِهِ فضربته سبع دُرَر قَالَ فَإِنَّهُ ليدلك عَيْنَيْهِ من الْبكاء إِذْ قيل جَعْفَر بن يحيى قد أقبل فَأخذ منديلاً فَمسح عَيْنَيْهِ من الْبكاء وَجمع ثِيَابه وَقَامَ إِلَى فرشه فَقعدَ عَلَيْهِ متربعاً ثمَّ قَالَ ليدْخل فَقُمْت عَن الْمجْلس وَخفت أَن يشكوني إِلَيْهِ فَألْقى مِنْهُ مَا أكره قَالَ فَأقبل بِوَجْهِهِ وحدثه حَتَّى أضحكه وَضحك إِلَيْهِ فَلَمَّا هم بالحركة دَعَا بدابته ودعا غلمانه فسعوا بَين يَدَيْهِ ثمَّ سَأَلَ عني فَجئْت فَقَالَ خُذ على بَقِيَّة حزني فَقلت أَيهَا الْأَمِير أَطَالَ الله بَقَاءَك لقد خفت أَن تشكوني إِلَى جَعْفَر بن يحيى وَلَو فعلت ذَلِك لتنكر لي فَقَالَ تراني يَا أَبَا مُحَمَّد كنت أطلع الرشيد على هَذَا فَكيف بِجَعْفَر بن يحيى حَتَّى أطلعه أنني أحتاج إِلَى أدب إِذن يغْفر الله لَك بعد الظَّن ووجيب قَلْبك خُذ فِي أَمرك فقد خطر ببالك مَا لَا ترَاهُ أبدا لَو عدت فِي كل يَوْم مائَة مرّة قَالَ الْحسن الْقزْوِينِي سَمِعت أَبَا بكر النَّحْوِيّ يَقُول من ألطف رقْعَة كتبت فِي الِاعْتِذَار رقْعَة كتبهَا الراضي إِلَى أَخِيه أبي إِسْحَاق المتقي وَقد كَانَ جرى بَينهمَا كَلَام بِحَضْرَة الْمُؤَدب وَكَانَ الْأَخ